الثلاثاء، 23 يونيو 2009

الحسد

بسم الله الرحمن الرحيم،

قد بحثت عن معنى تلك الكلمة- "الحسد"-، و موضع ذكرها فى القرآن الكريم، و معناها فى كل موضع من واقع فهمى للآيات. أذكركم جميعا أننى لست متخصصا دينيا، لا فى الشرع و لا فى التفسير، أنا فقط أعرض وجهة نظرى بتفكير منطقى، بحيث لا تخالف نصا صريحا أو عقيدة إسلامية معروفة بالضرورة.
لنبدأ سويا؛؛؛؛؛؛؛
--------------------------------------
إنك محسود محسود يا ولدى،
العين صابتنى و رب العرش نجانى،
ده النبى ميًّل من العين،
العين فلقت الحجر,,,,,,
ويتم التنبيه على من يفكر بشكل جيد، أو يمتلك موهبة ما؛ بأن يحجبها عن الناس كى لا يحسدوه، و تظهر تلك الكلمات و أكثر منها.
و بما أننا فى مصر، و فى العالم العربى عموما؛ دائما ما نحب أن نلصق الصبغة الدينية فى أى شئ من أفعالنا أو معظمها. لذلك فإن الناس ستتهمنى بمخالفة العقيدة الإسلامية و القرآن الكريم بإنكار الحسد.
تصحيحاً واجباً،
أنا لا أنكر الحسد، أنا أنكر فقط أن يكون له القدرة على تغيير مقادير الناس أو الأشياء؛
-----------------------
الحسد:
"هو تمنى زوال النعمة عن الغير"
هذا هو تعريف علماء الفقه له، و بنظرة إلى هذا التعريف، نجد أن الحسد لا يتعدى كونه نوع من أنواع التمنى. "التمنى" نوع من أنواع الشعور الداخلى للإنسان، تتوق فيه نفسه إلى شئ ما. وهو هنا تتوق نفسه و يطلب بداخله أن تزول النعمة عن الإنسان المحسود.
الشعور الداخلى بدون فعل يبرزه إلى أرض الواقع، يظل - الشعور - حبيس ضلوع الإنسان الذى يشعر به، ولا يكون له تأثيرا محسوسا فى الواقع الذى نعيش فيه.
فمثلا: فمن يشعر بأنه يكره فلان، و لم يبرز كرهه له - مثلا - بمحاولة قتله أو إيذائه، فإن شعوره بالكره لن يتعدى كونه شعورا داخليا و لن يؤثر فى هذا الفلان أو يضره شيئا.
هذا أيضا ينطبق على الحسد، فإنه شعود داخلى بالكره و التمنى، بل و يعكس حالة من حالات الإعتراض على تقسيم الله تعالى للأرزاق و المقادير - و العياذ بالله-.
----------------
بحثت عن كلمة حسد فى القرآن، لم أجدها بلفظها إلا فى موضعين؛
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،
بسم الله الرحمن الرحيم:

وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)
(سورة البقرة)
وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
(سورة الفلق)
----------------------------------------
ودّ: تمنى؛
أى أن أهل الكتاب بعدما تبين لهم الحق، و ضلال ما يدّعون من دون الله؛ يتمنون أن يستطيعو ردكم كفارا، بعد إيمانكم بهذا الحق. و سمى على التمنى لزوال النعمة - نعمة الإسلام - حسدا.
و نجد مخاطبة الله تعالى و أمره للذين آمنوا بأن يعفوا و يصفحوا، حتى يأتى الله بأمره. و الأمر بالعفو و الصفح هنا يكون تغاضيا من المسلمين عن شعور أهل الكتاب بالكره و الحسد؛ وليس تجاوزا من المسلمين عن أفعال أهل الكتاب، بل فقط عن شعورهم - أهل الكتاب -، الذى ولابد و أنه لن يؤذى المسلمين فى شئ إذا ما ظل شعورا؛ لكن إذا ما تجاوز تلك المرحلة الشعورية و إنتقل إلى المرحلة التنفيذية بالأفعال، نجد الله تعالى يأمر المسلمين برد الفعل بالفعل و ليس بالعفو و الصفح:
سورة البقرة:

وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)
سورة التوبة:

وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)
--------------------------------------------------------
ثانى ذكر للحسد بلفظه فى القرآن، جاء فى سورة الفلق:

بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
إذا لاحظنا، سنجد أننا نتعوذ بالله و نطلب العون و الوقاية، من الشر الناتج عن الشر، و ليس الشئ نفسه.
مثلا نحن لا نتعوذ مما خلق الله كله، بل من الشر الذى سينتج حينما يتعدى المخلوق ما خلقه الله له؛
و قد قال بن عباس (بإسناد ضعيف):
وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)
أى من شر عضو الرجل إذا إنتصب،،،وبإفتراض صحة التفسير و الإسناد - و إن كان ضعيفا -، فإننى بالطبع لا أجد حاجة للتنبيه على أهمية وظيفة "الإنتصاب" كوظيفة فيسيولوجية للتمتع و حفظ النوع. لذلك فإننا لا نتعوذ بالله منه (و إلا أصبح الرجال مثل النساء)، بل إننا تعوذنا من شره، أى من الإنتصاب إذا كان فى الشر، كإذا كان فى الزنا أو إذا كان مدعاة للزنا أو الإثارة الشهوانية غير المنضبطة.
هناك تفسير آخر عثرت عليه لتلك الآية:
وهو،
من شر الليل إذا أظلم.
ومن الشر الذى ممكن أن يحدث أثناء ظلمة الليل؛ أى أننا نتعوذ بالله من الشر الذى سيحدث و ليس من الليل نفسه، لأنه ظاهرة كونية واجبة الحدوث.
و بالمثل، فإننا نتعوذ بالله من الشر الذى ينتج عن الحسد، أى من الحسد إذا إنعكس على أفعال الحاسد،
لآن إنتصاب الرجل إذا لم يزن،،،،،لا ضرر منه،
كالليل إذا أظلم ،،،،، و لم تتم فيه جريمة أو سرقة،
كالحاسد إذا لم يفعل فعلا محسوسا يبين حسده.
فالحاسد بدون فعل،،،،،كإنتصاب بلا هدف,,,كليل بلا سرقة أو قتل.
------------------------------
الحاسد يعود أذاه على نفسه فى كل الأحوال، فعندما يحسد فإنه يبارز الله تعالى فيما قدر و قضى؛ و أول حسد كان من إبليس لآدم عليه السلام، و نتيجة له طرد إبليس من رحمة الله؛
و إذا ظل الحسد شعورا داخليا، فإنه يصيب هذا الحاسد بالعديد من الأمراض العضوية و النفيسة الناتجة عن التوتر الدائم و عدم الرضا بما قسمه الله تعالى.
لكن إذا تطورالأمر إلى أفعال؛ فإنه يكون مفضوحا، و يسهل مواجهته؛ لذلك فإننا نتعوذ بالله مما لا نعلم، و ما تخفى المقادير و ما تخفى الصدور إحداها.
لله در الحسد ما أعدله،،،،،،،،بدأ بصاحبه ،،فقتله.
---------------------------
و فى النهاية،
أنا لا أدعى العصمة لرأيي،
لكنه فى النهاية ما هدانى إليه تفكيرى المتواضع،
أتمنى من الله أن يوفقنى للصواب و أن يعفو عنى إذا أخطأت.
--------------------------
× تحت الحزام
كلام فى الصميم
إبقوا معنا.
د. علاء زكى.

4 تعليقات:

في 23 يونيو 2009 في 8:12 م , Blogger esraaroo2a يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم:

في البداية أنا بشكرك يا د. علاء على طرحك لموضوع الحسد دة بالذات لأني شخصيا كنت محتاجة حد يناقشني فيه...لأني وبلا فخر اتعرفت في العائلة الكريمة اني محسوووودة ومش أي حسدة كمان..لا دي حسدة خاصة بالامتحانات والمذاكرة والأدهى من كدة لما تعرف انها ممتدة..يعني اللي حاسدني عملها من خمس سنين وبص أو بصت بصّةخلتني كل ما تقرّب الامتحانات تحصلأّي حاجا تمنعني عن التركيز في الامتحانات :)

وعشان نفهم لازم أقول على حالتي اللي الناس فسرتها انها حسد والعياذ بالله :)

أنا والحمدلله طالبة متفوقة الى حد ما متخصصة في الفيزياء والقسم بيضم 14 طالب وطالبة فقط ودة اللي مخلي الناس شايفة انها اووو حاجة فظيعة ونادرة.. 
عايز الحق..أنا مش عارفة اللي بيحصل وبجد معتبراه قضاء وقدر..أصل اللي بيحصل مش ارهاق او عدم تركيز او حاجة ممكن نفسرها انها حالة نفسية..لكن أحداث بتحصل وطالما هية أحداث وبتغير مجرى حياتي فأنا لا اعتبرها الا ابتلاء من عند ربنا و اختبار..لكن لا هية حسد ولا حتى شر ناتج عن حسد..
أنا معرفش اذا كان سردي للحوادث هيساعد ولا لأ بس عشان وجع الدماغ هقول حادث منهم:وقوع في الكلية واصابتي اصابة شديدة ف ايدي اليمنى...أنا وقعت عشان اتزحلقت يا جمااااااعة..مش ببص كويس تحت رجلي :) مش لازم تكون وحدة في الكلية (نقرتني) عين ونا بشرح لزمايلي فوقعت ولا حسدتني عشان انا برّوح بعربيتي وهية لأ...

الكلا بتاعك يا علاء حلو جدا بس لما بفتكر قصة انشقاق الحجر لما الحاسد اعتقد ان اللي تحت الوشاح الحسن و الحسين...مش عرفة اصدق الرواية دي ولا لأ...

قصة الحسد أبعد من كونه موجود او لأ و كونه بيغير الاحداث ولا لأ...أنا في زمايلي اصبحوا معيدين فيزيااااء ومعلقين خرز أزرق ف عربياتهم وبيخمّسوا ف وشوش الناس
...زيهم زي الناس الجهلة بالظبط و داخلين الجامعة يعلموا الشباب...
أنا مممكن أكون أفكاري غير مرتبة شوية معلش بس اتمنى اكون وصلت وجهة نظري..
شكرا يا د.

إسراء عبدالله

 
في 24 يونيو 2009 في 1:20 ص , Blogger Mended_Heart يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم؛
أهلا يا إسراء، إنتى منورة المدونة، و شرفتينى بتعليقك علي الموضوع.

الحسد:"هو تمنى زوال النعمة عن الغير"
ولو عايزة تتأكدى
شوفى اللينكات دى:
شوف دى
http://www.saaid.net/rasael/85.htm
تعريف الحسد :
هو تمني زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها.

يقول ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد أصل الحسد : هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها

http://www.heartsactions.com/s6.htm
قالت طائفة من الناس: إنّ الحسد هو تمني زوال النعمة عن المحسود ، وإن لم يصر للحاسد مثلها. بخلاف الغبطة فإنها تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط. والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود. وهو نوعان:أحدهما كراهة للنعمة عليه مطلقاً فهذا هو الحسد المذموم وإذا أبغض ذ لك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه فيكون ذلك مرضاً في قلبه ، ويلتذ بزوال النعمة عنه وإن لم يحصل له نفع بزوالها.
----------------
أى أنه نوع من أنواع التمنى - كما قلت -، و لا يؤثر فى مصير الأشياء أو الأشخاص،
مثلا: عندك واحد عمال يخبى علمه عن الناس خوفا من الحسد
لكنه فى نفس الوقت يضاد حديث رسول الله "من كتم عن الناس علما، ألجمه الله بلجام من نار يوم الفيامة"

عندك واحد تانى، غنى، غامل فيها فقير و مدكن فلوسه عشان الناس ماتحسدهوش، يبقى هايضاد مبدأ التكافل و تشجيع الصدقات و مبدأ "أما بنعمة ربك فحدث"
- بعيدا عن الفشخرة و الإستكبار-.

يعنى إن خوفنا من الحسد ممكن يدخلنا فى معاصى كتير لا داعى لها.
-----------
و إذا كان للحسد هذه القدرة على فلق الحجر و زوال النعم!!!!
ليه مثلا مانحسدش أمريكا؟؟!!
ليه مثلا ما نقعدش (نقر) على إسرائيل لحد ما نجيبها الأرض؟؟!!!

و سيبك بقه من أخذ أسباب العلم، و إنشاء جيش قوى، و نقعد بس ندرب حبة (قرارين) و ناضورجية يفلقوا الحجر، و بكده نقدر نهزم الإستيطان و الإحتلال،،،
و بلا حرب و بلا جهاد بلا وجع دماغ.

دعوة عامة للكسل و عدم البحث عن أسباب الفشل،
أى واحد يفشل،،،،،يقول إنه محسود
أى واحد مهمل،،،،،يقول إنه محسود
أى واجد مقصر،،،،،يقول إنه محسود

و بلا تقدم و بلا بحث علمى و بلا بتاع
بلاها وجع دمااااااااااااغ.


أنا عندى سؤال،
ليه الحسد و الإيمان بقدرته مش موجودين إلا عندنا فى العالم الإسلامى؟
-----------------------------
تعرفى ليه؟؟
عشان إحنا أمة من الجهلة،
بندور على أى حاجة ندفع بيها المسائلة و تعب البحث عن حلول لمشاكلنا،

مثلا،هل لاحظتى؟؟
إن ساحر القبيلة البدائية هو طبيبها، و هذا يدل على إرتباط الجهل و البدائية مع الإيمان بسلطة الجان و الأرواح؛ فحينما يعجز العقل البشرى عن تفسير الأشياء، فإنه لا يرجعها لجهله بها،و لكن يرجعها إلى أنها أشياء لا يمكنه التحكم فيها،و يتهم الجان بالتسبب فى أى أعراض مرضية لأى مرض لا يمكنه تفسيره؛

و بالمثل،
فإننا نحاول أن ندفع عن نفسنا المسائلة، و إتهام الآخرين بإفساد ما نفعله عن طريق (العين) و الحسد، نتيجة لعدم قدرتنا على النقد الموضوعى و إتقاء أسباب الفشل الذى نعانى منه فى العالم الإسلامى منذ زمن بعيد.
---------------------
---------------------

و أخيرا،،،
فيه تفاسير كثير لحالة فقد التركيز و النسيان، عند التعرض لضغوط نفسية.
حتى أن هناك بعض الأدوية التى تعالج بعض تلك الحالات،
http://forum.z4ar.com/f55/t7947.html
-------------------
موضوع العين اللى فلقت الحجر ده أنا مش مصدقه، و غير منطفى من وجهة نظرى،
أنا لا أعرف إسناده
و بالحث عنه لم أجده فى أى من كتب الصحاح،
و يظهر إنه حكاية ملفقة.
-----------------------

على العموم يا عزيزتى،
إنتى نورتى المدونة
و بإنتظار ردودك الجميلة دى

و على فكرة،
أنا أحب أسمك جداااااااااااااااا
ليه ذكريات جميلة جدا معايا

ربنا يوفقك فى حياتك و فى إمتحاناتك الجاية بإذن الله.

 
في 24 يونيو 2009 في 2:37 م , Blogger esraaroo2a يقول...

جزاك الله خير يا دكتور علاء..انا كمان امبارح بعد ما كتبت التعليق دوّرت على الموضوع دة (انفلاق الحجر) وفعلا ملقتش له سند صحيح أو قوي..
ربنا يهدينا و يارب نرجع لديننا عشان احنا وصلنا لمرحلة صعبة أوي من التخلف..

وبالنسبة لموضوع الاسم دة فأنا عارفة انه مرتبط بأحداث معينة قديمة و كنت اتمنى لك الخير بس الحمدلله على كل شيء

وبالنسبة للامتحانات فأنا مخلصة دراسة خلاص و رسميا اعتبر عاطلة عن العمل :)

شكرا

 
في 25 يونيو 2009 في 3:44 ص , Blogger Mended_Heart يقول...

يوه،،،،؛)
ماتكسيفينيش بقه

فكرتينى ب الذى مضى

كانت أحلى أيام عمرى
لكن،،،
و آه من كلمة "لكن" دى
قدر الله و ما شاء فعل

يظهر فيه حد حسدنا و لا إيه؟!

ههههههههه
****************
ربنا يوفقك فى حياتك و تلاقى شغلانة تشغل وقتك
بدلا من لقب عاطلة ده

سلااااااااااااام
************

د/ علاء زكى

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية