الأحد، 19 أبريل 2015

من روائع القصائد التى كتبت فى عشق مصر (مصر تتحدث عن نفسها) حافظ إبراهيم

من مصرى، غيور، يحب بلاده أيما حب،
رسالة إلى كل حاقد أو عميل أو فاشل، عربى كان أم أجنبى
إقرأ و تعلم،، من مصر إلى كل الدنيا:
من روائع القصائد التى كتبت فى عشق مصر

قصيدة مصر تتحدث عن نفسها

للشاعر /حافظ غبراهيم
*********************

وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبني قواعد المجد وحدي

وبناة الأهرام في سالف الدهر كفوني الكلام عند التحدي

أنا تاج العلاء في مفرق الشرق ودراته فرائد عقدي

إن مجدي في الأوليات عريق
من له مثل أولياتي ومجدي

أنا إن قدر الإله مماتي لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي

ما رماني رام وراح سليماً فن قديم عناية الله جندي

كم بغت دولة عليّ وجارت ثم زالت وتلك عقبى التحدي

إنني حرة كسرت قيودي رغم أنف العدا وقطعت قيدي

أتراني وقد طويت حياتي في مراس لم أبلغ اليوم رشدي

أمن العدل أنهم يردون الماء صنعوا وأن يكدر وردي

أمن الحق أنهم يطلقون الاسد منهم وأن تقيد أسدي

نظر الله لي فارشد أبنائي فشدوا إلى العلا أي شد

إنما الحق قوة من قوى الديان أمضي من كل أبيض وهندي

قد وعدت العلا بكل أبي من رجالي فانجزوا اليوم وعدي

وارفعوا دولتي على العلم والأخلاق فالعلم وحده ليس يجدي

///////////////////////
د. علاء زكى
إبقوا معنا فى مدونة تحت الحزام.

الاثنين، 13 سبتمبر 2010

الكذب الحلو و النفاق الجميل

وكأننى قد نسيت الكتابة،
قلمى يشعر بالخمول – على غير العادة –، أظن أن توقّفى عن الكتابة قد أدى لتزاحم العديد من الأفكار فى رأسى، مما نتج عنه بطء فى إخراجها – الأفكار – أو أن الصدأ قد علا يدي (من الركنة) و نتج عنه عدم تناسق بين معدّل التفكير و معدّل الكتابة، فإننى ألحظ أن خطى الآن أسوأ مما سبق.

إن شيوع النفاق و الكذب قد فاق الحدّ، ولم يعد هناك بدّاً من مواجهتهما؛ إنتشرا إنتشاراً سريعاً فى بداياتهما، ثم إنتقلا لمرحلة الإنتشار التراكمى، و مهما شبّهنا هذا الإنتشار السريع و المتوغّل فى المجتمع بالإنتشار السرطانى فإننا – مع ذلك – لم نوفّه حقه فى وصفه بالسوء، فهناك أورام سرطانية ليست بهذا السوء و بعضها هناك أمل فى الشفاء منه؛ لكن هاتين الصفتين – أراهما – قد إنتشرا إنتشاراً واسعاً، غاية فى الخبث و الشراسة، و إلى حد قد يصعب معه – أو يستحيل – العلاج.
إننى قد أفهم أن يلجأ الإنسان إلى الكذب مضطراً لدفع ضُرّ أو لجلب منفعة ما، لكن أن يصبح الإنسان يكذب لمجرد الكذب و كأنه روتين و عادى، فهذا ما لا أفهمه؛ و نتيجة للتعوّد على الخطأ فقد بدأت تنحسر عنه – الكذب – كل أوجه الخجل و كل أوصاف الحرام، فلم يعد الكذاب يخجل من كونه كذاباً أو حتى يقبل أن تصفه بأنه يفعل مُحَرّماً. حتى أن الناس قد بدأوا يعتادون الكذب "على الفاضية و المليانة"، و بدأت أمواج الصراحة و الصدق و المكاشفة تنحسر عن شواطئ التعاملات بين الناس، كاشفةً عن مخلّفات الكذب على رماله السوداء التى تعلق فيها سفن الكلام مع بعضهم، فأصبح من يكذب لا يستطيع العودة بسفينته إلى محيط الصدق و الصراحة بعدما علقت على شواطئ الكذب؛ و أصبحت المشكلة الآن أكبر من منع الناس عن الكذب، بل أنها – المشكلة – أصبحت أن تجعل الناس يتقبّلون الصدق و لا ينكرونه.
كنت أظن أنه فى المعتاد أن يستتر كل من يعصى الله تعالى أو من يخطئ، فقد قالتها لى والدتى – رعاها الله – حينما كنت صغيراً: "لو خبيت اللى إنت بتعمله، يبقى اللى إنت بتعمله ده غلط"، كى تعلّمنى كيفية التفرقة بين الصواب و الخطأ ببساطة شديدة؛ لذلك إرتبط الخفاء عندى بالخطأ، و يعنى ذلك أن الإستتار من صفات العصيان و الأخطاء؛ لكنه قد تبيّن لى – بعد ٢٦ سنة – بعدها أن ما يحكم بإستتار الشئ أو إخفاؤه هو طباع الناس و ما إعتادوا عليه، حتى أنه الآن قد يستتر من يقول الصدق برعم كونه على الحق، و قد يجاهر الكذاب بكذبه برغم كونه على باطل.
لكن أيضاً، شيوع صفة ما فى مكان معيّن أو فى حقبة معيّنة أو فى شعب معيّن أو قوم ما لا يدل على أن ما إعتادوا عليه صواباً، و لا أحكم بصلاحيّة أو صوات أى خصلة من الخصال بمدى شيوعها و كثرة المتّصفين بها؛
فمثلاً،
عندما إنتشرت صفة اللواط فى قوم سيدنا لوط عليه السلام، لم تجد فى القوم من ينكرها – تلك الصفة – وفى نفس الوقت لم يجعل ذاك إلإنتشار و مصاحبته للإعلان و عدم الإنكار تلك المعصيّة حلالاً. وما حدث أنهم كانوا يأتون فى ناديهم – أماكن تجمّعاتهم و لهوهم – المنكر، و الأغرب أنهم لم يكتفوا بهذا، بل أنهم طالبوا بإخراج آل لوط من القرية و هم – العصاة – ينكرون على آل سيدنا لوط أنهم أناس يتطهرون.عجبت لإصرارهم على المعصية، و إدانتهم للطهارة و العفة و الفطرة بتلك الطريقة الغريبة؛ لكننى – و ياللعجب – كلما كبرت فى العمر و زاد محيط تعاملاتى مع المحيطين بى إكتشفت فيهم نفس الإسلوب الخسيس بإقرار المعصيّة و السوء و إنكار الصواب و الطاعة.
لم يتوقف من هم حولى عن دعوتى للإمتناع عن الطاعة والصدق و حسن الخلق، بدعوى أنه قد عفا الزمان على تلك المبادئ و تغيّرت الدنيا و يجب علينا أن نتغيّر معها، لكنى ما زلت أقاوم و أقول أنه لو كان لابد من التغيير فإنه لن يكون عندى أنا.عجبت ممن يعصى و يخطئ، و عجبت أكثر ممن يجاهر بمعصيته و خطإه، و إذهلتنى كراهيته أن يرانى أفعل الصواب؛ أشعر أن الناس قد لا يبذلون كل هذا الجهد فى الدعوة إلى المنكر بقدر ما يبذلون من جهد فى إنكار الصواب و نعته بالخطأ، فكم من محاور قد حاورنى عن مساوئ الصدق و الصراحة، و أنها إتجاه واحد، بمعنى "اللى يروح م يرجعش" و فى نفس الوقت يعدد لى مناقب الكذب و النفاق و الراحة التى سأحصل عليها منهما، لكنى لم أجد منه نفس الإصرار فى دعوتى للكذب و التملّق و النفاق، مقارنة بإصراره على دعوتى لترك الصدق و الصراحة؛ بمعنى أنه لا يدلك على المعصية بقدر ما يمنعك عن الطاعة.

** عن عبد الله ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >> عليكم بالصدق ،،،فإن الصدق يهدي إلى البرّ ، وإن البرّ يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً .>> وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذّاباً .(متفق عليه)

************************************

وعن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏من علامات المنافق ثلاثة‏: وفي رواية : اية المنافق ثلاث‏:‏ 1- إذا حدّث كذب ‏، 2- وإذا وعد أخلف‏ ، وإذا أئتمن خان‏‏‏.‏ (صحيح مسلم)

**
"لا يكن احدكم امعة، يقول: انا مع الناس ان أحسن الناس أحسنت وان أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إن احسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا أن تتجنبوا إساءتهم".

******************************
كنتم مع د. علاء زكى × مدونة تحت الحزام

الجمعة، 10 سبتمبر 2010

طب المصاطب و المسلسلات،،،،، إتفضلوا معانا

"مش عارف ليه النهاردة حاسس إنى مكتئب شوية"
"الواد يا حبة عينى تعب و وديناه المستشفى و علقوله محاليل"
"البت سمعت الموضوع ده من هنا،،، و قام جالها إنهيار عصبى"
"الراجل يا عين أمه،،، مستحملش و دخل فى غيبوبة"
"أصل أنا إمبارح نمت فى التكييف و جالى برد فى ضهرى"

تلك الكلمات و أكثر منها قد يسمعها أى شخص يعيش فى وسطنا، و بتكرار يومى يثير العجب؛ بالطبع لأنها تحتوى بعض المصطلحات الطبية فإن إستخدامها مع الأطباء قد يكون أكثر من غيرهم، و قد إستمعت لها – تلك الكلمات – بل و أكثر منها، طوال فترة عملى – 4 سنوات – فى مجالات الخدمة الطبية فى العديد من أماكن الرعاية الصحية المختلفة؛ و برغم عدم إستساغتى لها منذ أول إحتكاك بينى و بين قائليها إلا أننى لم أكن أتعرض لها أو لقائلها بالنقد. لكن المشكلة بدأت بالظهور عندما بدأت أعترض و أناقش و أتعرّض بالنقد – كعادتى – لمعنى تلك الكلمات و إستخداماتها الملتوية و التى تتنامى بسرعة حتى أنها كادت أن تحاصرنى فى كل مكان، حتى أن هناك من يطلب منى أن أتنازل عن ما أؤمن به و أجارى الناس – كالعادة – عملاً بسياسة القطيع و تجنباً للخلافات الجانبية – فى رأيهم – و أخبر الناس ما يريدون سماعه.

من الممكن أن يظن أحدكم أن الموضوع هيّن و تافه و لا يستحق الذِكْر، و أننى أُحَمِلهُ فوق ما يستحقّ من الإهتمام؛ لكننى أتمنى فقط أن تلاحظوا معى مدى إنتشار إدعاء المرض و دفع الواجبات بإدعاء العجز. إن هذا الإنتشار مرتبط بثقافة ما قد توغّلت إلى أبعد الحدود و لم يعد بالإمكان إستئصالها من جذورها، لكنى سأحاول التصدّى لتوريثها لأجيال و أجيال، فإننى أتمنى أن ينتهى ذاك الدوران فى تلك الدائرة المُفْرغة التى تبدو و كأنها لا نهاية لها.
إنها ثقافة "التمارض" و "المسكنة" و "الإستسهال و دفع المسائلة"؛ و إن كنت قد تعرّضت بالنقد سابقاً فى هذه المدونة – "تحت الحزام" – لبعض الشماعات التى يستخدمها أغلبنا فى التهّرُب من المسائلة و إلقاء التهم على أى شئ آخر بالتسبب فى الفشل فى أى من الأعمال المنوطة بنا، فإننى قد أغفلت ذكرها – "التمارض" و "المسكنة" – نظراً لتعرّضى للشماعات الدينيّة فقط – فى الغالب –، أما الآن فقط زاد الإتكاء على الشماعات الدنيويّة أيضاً حتى أننى قد بدأت تُعيينى الحِيَل فى مقاومة تلك الشخصيات التى تدّعى ضعف الحيلة و العجز؛ كانت تلك الثقافة قد بدأت إنتشارها إعتماداً على تفشّى الجهل و العجز الفعلى، فإنتشرت فى وسط الطبقة من الأميّين، بل و المُتَعلّمين الغير مثقفين أيضاً، فقد بدأت النبتة الأولى عن طريق تبسيط للمعلومات من الأطبّاء رغبة منهم فى إيصال التعليمات إلى المرضى من ذلك الوسَطْ – الأًميّين و أنصاف المتعلّمين –، لكن المشكلة هنا ظهرت مع "التبسيط المُخِلّ" للمعلومات و التعليمات. فقد يستسهل الطبيب أو يستعظم المجهود المطلوب فى توصيل المعلومة للمريض، فيستخدم تعبير "إنت عندك برد فى ظهرك" كى يصف له تشخيص (إلتهاب أو تَمَزُّق فى عضلات الظهر)، و تظهر المشكلة بشكل أكبر حينما قد يلجأ الطبيب فى بعض الإحوال عندما يفشل فى تفسير المُتسبّب فى المرض إلى إرجاؤه – المرض – إلى أى سبب تافه أو حتى عديم القيمة و لا تأثير له على الإطلاق، رغبة منه فى حفظ ماء الوجه و إستكباراً منه للإعتراف بجهله أو بعجزه عن تشخيص ولو مريض واحد. المضحك أنه فى معظم الأحوال بإصابة "البرد فى الظهر" تلك، أنك تجد المريض قد إعتاد النوم تحت المروحة أو فى التكييف منذ عشرات السنين و تحت أى ظروف، لكنها اليوم قد أصابته ب "برد" فى الظهر!!!، فلماذا اليوم فقط؟.
{ربما لأن اليوم قد وافق يوم الإحتفال بسنويّة زواجه و يريد أن يتهرّب – المريض – من الإحتفال ليلاً به و "ربنا يستر علينا كلنا"، (أظن فهمتونى يا قليل الأدب منك له ؛)}.
قد بدأت المتوالية الهندسية منذ عقود، و أظنها لم تتوقّف بعد. ربما نتيجة لإستمرار الإطباء فى إستخدام نفس "المُسببات" المفتعلة، و ربما نتيجة لقلّة الوعى الصِحّى و إعتماد الإطبّاء على "الخبرة" بعيداً عن العِلْم، أو ربما للإثنين معاً. لكن قد ظهرت بعد المؤثرات الخارجيّة على تشكيل الوعى القومى، و أحدها – إن لم يكن الوحيد – هو التلفاز، الذى صار ضيفاً إجبارياً فى كل البيوت، و يقوم يوميّا بغسل مخ عامة الناس و تشكيل آرائهم بطريقة المسح و الإضافة، و لكونه المؤثر الوحيد فى بيئة أغلبها ممن لا يقرأون – سواء أميّة أو إنعدام ثقافة – فإن ما يقدمه هذا الجهاز العجيب – التلفاز – يصير قاعدة فى عقول العامة لا يحيد عنها إلا هالك، فنشأت أواخر أجيالنا فى وسط الضياع الثقافى و مُسِخَت الهويّة و شاعت الأفكار المغلوطة على جميع المستويات، فصارت بلادنا لا تًنْكر منكراً و لا تُحِقّ حقّاً؛ لا يغترّ أحدكم و يظن تفاهة الموضوع الذى نناقشه فإنه كجبل الجليد، لا يظهر منه سوى أقل من سدس حجمه.

قد شاهدت فى اليومين الماضيين – رغماً عنى – إحدى الحلقات من المسلسلات التى تعجّ بها قنواتنا الفضائية فى شهر رمضان المبارك – مع الأسف – و وجدت فيها ما يندى له الجبين من الإستخفاف بعقول المشاهدين؛ فلو فقد أى شخص وعيه بعدما إستمع إلى خبر مؤلم أو مفاجأة، فإن التشخيص الملائم للحبكة الدرامية هو طبيب يرتدى بدلة فرز تالت لا يكاد يجيد الحوار أمام كاميرات التصوير، يتحدّث فى سرعة و يقول:
"المريض حالته حرجة أوى، عنده صدمة عصبية شديدة"،
هنا مع إيمانى بتفاهة المعلومة و التشخيص المبدئى للحالة، ما قد لا يلتفت إليه البعض هنا أن فى المشاهدين من لا يمتلك أى ثقافة طِبيّة تُذْكَر و سترتسم فى عقله – التافه – أن أحد أسباب الإصابة بالصدمة العصبية هو "الزَعَلْ" أو "الخَضّة"، برغم أن كل الأطباء – أو معظمهم – يعلمون أن التعريف العلمى للصدمة العصبية Neurogenic Shock هو حالة هبوط شديد فى ضغط الدم و تباطؤ فى نبض القلب و قد تصل فى بعض الحالات إلى فشل فى التنفس و توقف بعضلة القلب، لكنها تنتج عن:
1. تعرّض المريض لآلام جسمانية مُبْرحَة.
2. تلف بالمخ أو بالعمود الفقرى.
3. تخدير خاطئ أثناء العمليّات الجراحيّة.
4. إستخدام بعض العقارات و المكونات الكيميائية.
ولم أجد فى أى من المراجع أنها قد تنتج عن "الزَعَلْ" أو "الخَضّة"، لكنها وفى نفس الوقت الحلّ المثالى لكل من يريد التهرّب من أى من المُسائلات أو الحساب أن يدّعى فقط الإغماء و يدع الباقى لعقليّة المحيطين به أن ترسم إصابته ب "صدمة عصبية"، و المشكلة هاهنا ستكون فى الطبيب الوغد الذى سيحاول إقناع الإهل و الأحبة بأن المريض لا يعانى من أى من الأمراض، فإنه لابد و أن يكون وغداً لا يشاهد التلفاز و لا يستقى منه آخر التحديثات الطبية؛ طالما البيه المؤلف و البيه المخرج و البيه الممثل قالوا أن "الزَعَلْ" أو "الخَضّة" من مسببات "الصدمة العصبية" فإنها حقيقة واقعة لا يمتلك طبيب وغد مثلك أن يناقشها،،،،،،،،،، إفهموها بقة.

مثال آخر للإسفاف الفنى و الإستخفاف بعقول المشاهدين، وهو تأسيس مبدأ "السكر" و "الضغط" العصبى؛ من الممكن أن يكون القليل منكم من إستمع إلى هاتين التشخيصين، لكن بحكم تَخَصّصى فإننى أحتك بمرضى الضغط و السكر يومياً، فقد إستمعت إلى تلك العبارات كثيراً، "أصل أنا كان عندى السكر و خفيت منه"، و "أنا مبخدش دواء ضغط عشان الضغط اللى عندى ضغط عصبى"؛ و أعانى الأمرّين فى إقناع كل مريض بأنه لا يوجد من يشفى من مرض السكر – إذا تم تشخيصه بالطريقة الصحيحة – إلا فى حالات "سكر الحمل" أو "سكر ناتج عن تعاطى دواء ما"، و بعد التأكد من ذلك الشارب الذى يقف عليه الصقر فإن المريض رجل، و الرجال – على حد علمى – لا تحمل؛ و قد ظللت فترة ليست بالقليلة أتّهم الإطباء بالمسئولية عن هذا التخلّف نتيجة محاولة "التبسيط المُخِلّ" أو "الجهل العلمى"، لكننى إكتشفت الحقيقة المُرّة و هى أنه فى إحدى المسلسلات – المقدسة – فى شهر رمضان أصيبت بطلة المسلسل بمرض السكر بعدما قست عليها الظروف و إختفى إبنها، لكنها – يا سبحان الله – قد شُفِيَت أول ما وقع نظرها على إبنها – إسم الله عليه – أول عودته؛ و هنا قد تبيّن لى أنى أنا الآخر أحد الأطباء الأوغاد الذين لا يشاهدون التلفاز؛ و للعلم فإن هناك سوابق كثيرة لسيناريوهات تحتاج إلى خلق بعض نقاط التحوّل و التى يفشل – أو يستسهل – المؤلف حبكتها و يلجأ إلى إبتكار مرض جديد أو علاج مشعوذ ما فيصاب الإبن بشلل فى ذراعه إذا ضرب إمرأة فى الشارع و يتضح من السياق أنها أمه، و برغم إنتفاء التعمّد و بالتالى إنتفاء الإتهام بالعقوق إلا أنه لا تتغيّر العقوبة؛ و هناك من يشفى من "غيبوبة" عندما يقول له أحد الحاضرين "قوم عشان خاطر ربنا"، فتحدث المعجزة و يفتح عيناه و كأنه قد تكرّم و تنازل و أفاق من تلك الغيبوبة فقط من أجل الله، و كأنه – المريض – قد دخل فى الغيبوبة بمزاجه,,,,,,,,,, إرحمنا يا رب.

إنها تلك الثقافة اللعينة التى يتسبب البرد فيها بكل الأمراض، و إنه لن يفاجئنى إن يتم إكتشاف أن البرد هو سبب الإيدز و الطاعون بعد سنوات قليلة؛ إنها ثقافة البحث عن مبررات و شماعات التعليق؛ إنها نفس الثقافة التى لا يتم التفريق فيها "الحزن و الضيق" و بين "الإكتئاب" مع أن الحزن عارض و الإكتئاب مرض؛ نفس الثقافة التى تدّعى فيها كل أنثى أنها "هبطانة" فى أى وقت طوال العام؛ نفس ثقافة الطبيب الذى يوهم مريضه و يخدعه بتشخيص "إرتخاء الصمام الميترالى" و يتهمه – أى التشخيص – بالتسبب فى كل شئ، حتى أنه ممكن أن يتهمه بالتسبب فى النزاع العربى الإسرائيلى، مع العلم بأن تلك الحالة شائعة الحدوث فى حوالى ٣٨ % من المراهقين و لا تتسبب فى أى من المضاعفات إلا فى حالات نادرة جداً، لكن ذلك التشخيص يوفّر على الطبيب تعب البحث عن المُسَبِّب الرئيسى للأعراض، و يوفّر على "المدام" شغل البيت، و يعطيها كل الحق فى الإستكانة و الراحة إدعاءً للمرض و "إياك تزعلها يا خويا، دى عندها إنزلاء سمام فى القلب"، و "إنت سقطت ليه يا خويا؟".... "معلش بقى أصل الصمام مش بيخللينى أعرف أركّز"....و "إنت مش بتشتغل ليه يا خويا بدل م مراتك متمرمطة كده"،،،،،، "معلش أصلى تعبان و باخد حقنة كل شهر"،،،،،،
هذا لا ينفى وجود بعض الحالات المرضية الفعلية وسطنا، لكن نسبتها بالنسبة لمن يدعى المرض تكاد تكون معدومة؛ و أكاد أجزم أنه لو تمت فلترة المرضى و تم معاقبة المدعين بالحبس فإن أغلب مرضى اليوم سيصبحون سجناء الغد؛ و طالما ظلّ "المفسديون" – التيليفزيون سابقاً – هو مصدر المعلومات و المشَكِّل الأول و الأخير للثقافة، فإننى أطالب السادة المؤلفين بأن يتفضلّوا بالتدريس فى كليّة الطب و كل دكتور جامعة "يروح يقعد فى بيتهم أمام التيليفزيون يشوفله مسلسل ينفعه".......
------------------------------------
و فى النهاية:
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "انها ستكون سنون خداعات .. يخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن .. ويكذب فيها الصادق .. ويصدق فيها الكاذب .. وينطق فيها الرويبضة .. قالوا وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه يتكلم فى أمر العامة.
-------------------------------------
كنتم مع د. علاء زكى ×
مدونة تحت الحزام
لكن،،،،
سؤال أخير،،،،،،،،

"أخبرنى بصراحة،،،،،،،، هل هذا موضوع تافه؟؟"

إبكوا معنا،،،،،، واااااااااااااااااااااااااااااااااء

الثلاثاء، 22 سبتمبر 2009

موضوع رهييييييب (التراث الإسلامى و محاولة فلترة ) لا أكثر و لا أقل

بسم الله الرحمن الرحيم،
موضوع مهم جدا يتعلق بكيفية إهتمام المسلمين بالتراث الإسلامى، و الذى يبدوا أنهم و أثناء ذلك قد ضللوا الطريق،
و كما نقول إن هناك صحيح البخارى و مسلم - رضى الله عنهما - و قد إتفقنا على أنهما من أصح الكتب المتواترة عن النبى (ص)، لكن هناك نقطة ما، ماذا يحدث لو ذكر الشيخان أو أحدهما نصا يعارض القرآن أو المنطق أو يعارض نصا آخر قد ذكره أحد العلماء الآخرين؟، فمن من الرأيين أولى بالإتباع؟ و هل يجوز لنا الخوض فى إتباع مدى صحة ما نقلوه لنا و مطابقته للعقل و المنطق و القرآن، أم أنه يجب علينا إتباع ما يتلى علينا منهما بدون أدنى إعتراض؟؛؛؛؛؛؛
أظن أننا هنا قد نتخطى الخط الأحمر الذى و ضعه البعض، و هو محاولة منهم للخلط بين ما هو مقدس و ما هو متواتر و منقول و مدى صحته، فإن ما هو مقدس فى عقيدة المسلمين غير قابل للتغيير أو النقد، لكن ما هو منقول يخضع للكثير من الإضافات و الأخطاء وواجب التروى فيه.
هنا أنا لا أشكك فى نية الشيخان لا سمح الله، أنا فقط أقول أن هناك العديد من الضوابط التى يجب أن يخضع لها أى حديث منقول، حتى لو كان قد ذكره الشيخان، فإن تنزيه صحيح الشيخان عن الخطأ أراه نقطة واجبة النقد و التحليل.
فهناك بعض الملحوظات عن بعض الأحاديث التى يدور حولها العديد و العديد من الشبهات التى قد تهدم الدين من الأساس:
مثلا
حديث سحر النبى،
حديث موت النبى مسموما،
حديث زواج النبى بالسيدة عائشة و هى بنت 6 سنين،
أظنها تحتاج لبعض التوضيحات بعيدا عن لهجة الإتهام لمن يفكر او يستعمل عقله بالكفر أو تأليه و تقديس صحيح البخارى و مسلم، فإن ما ينقله البشر لابد و أن يكون فيه علة ما، لآنه لا كمال فى مخلوق أو فى عمل مخلوق، ولابد لنا من محاولة فلترة المتواتر بأيدى العلماء من المسلمين و ليس لكل من هب و دب صلاحية النقد لأى مما يؤمن به المسلمون.
قد نقلت هذا الموضوع من أحد المنتديات و أظنه جديرا بالملاحظة و النقاش،
هو يتعلق بحديث قد تفرد به بن هشام عن سن زواج السيدة عائشة من النبى (ص):
---------------------
زواج النبى من عائشة وهى بنت 9 سنين.. أكذوبة! !
السيرة والتواريخ الزمنية الواردة فى أمهات الكتب ترد على أحاديث البخارى وتؤكد أن ابنة أبى بكر تزوجت النبى وهى فى الثامنة عشرة من عمرها من هنا يتلقى الإسلام الكثير من الطعنات، عبر تلك المناطق الجدلية يتعرض رسولنا الكريم للكثير من الافتراءات والاتهامات.. زوجاته وعلاقاته بالنساء والكثير من القصص عن طرق زواجه بهن وتعامله معهن، الكثير من المغالطات التاريخية وعدم الدقة فى الروايات يستغلها الكثيرون للهجوم على الإسلام ورسوله الكريم وتبقى أفواه علمائنا مغلقة على ما فيها من ردود علمية وعملية،
مكتفية فقط بتسفيه المنتقدين والتشكيك فى نواياهم، وحينما تظهر أصوات العقلاء لتدافع عن الرسول عليه الصلاة والسلام مؤكدة بالتاريخ والروايات الموثقة عدم دقة الكثير من الروايات التى يأخذها البعض على الإسلام مثل رواية زواج النبى عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة وهى فى عمر تسع سنين، تواجهها تلك العقبة المقدسة التى تقول بقدسية المناهج الفقهية القديمة، وكتب البخارى ومسلم، وتعصمها من الخطأ، وترفض أى محاولة للاجتهاد فى تصحيح روايتها حتى ولو كانت محل شك، فهى العلوم وحيدة زمانها، والتى لا تقبل التجديد ولا الإضافة ولا الحذف ولا التنقيح ولا التعقيب ولا حتى النقد.
بهذا المنطق يصمت علماؤنا أمام موجات الهجوم التى يتعرض لها الإسلام ورسوله، وإن تكلموا يأتى كلامهم غير منصف لأنه يأتى معتمدا على روايات قديمة تقول بقدسية المناهج القديمة ومعصوميتها من الخطأ، وكأن المسلمين من بعد القرن الرابع الهجرى أصبحوا مخلوقات منـزوعة العقل, أصبحوا مسلمين من الفئة الثانية لا يقبل منهم الاستدراك أو النقد على ما قدمه العلماء الأوائل, وكذا هو الحال مع الرواية ذائعة الصيت التى يكاد يعرفها كل مسلم,
والتى جاءت فى البخارى ومسلم, أن النبى (صلى الله عليه وسلم) وهو صاحب الخمسين عاما قد تزوج أم المؤمنين (عائشة) وهى فى سن السادسة, وبنى بها-دخل بها- وهى تكاد تكون طفلة بلغت التاسعة,
وهى الرواية التى حازت ختم الحصانة الشهير لمجرد ذكرها فى البخارى ومسلم, رغم أنها تخالف كل ما يمكن مخالفته, فهى تخالف القرآن والسنة الصحيحة وتخالف العقل والمنطق والعرف والعادة والخط الزمنى لأحداث البعثة النبوية,
والرواية التى أخرجها البخارى جاءت بخمس طرق للإسناد وبمعنى واحد للمتن-النص- ولطول الحديث سنورد أطرافه الأولى والأخيرة التى تحمل المعنى المقصود,
(البخارى - باب تزويج النبى عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها-3894): حدثنى فروة بن أبى المغراء: حدثنا على بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضى الله عنها قالت: «تزوجنى النبى صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة،... فأسلمتنى إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين».
بالاستناد لأمهات كتب التاريخ والسيرة المؤصلة للبعثة النبوية ( الكامل- تاريخ دمشق - سير اعلام النبلاء - تاريخ الطبرى - البداية والنهاية - تاريخ بغداد - وفيات الأعيان, وغيرها الكثير), تكاد تكون متفقة على الخط الزمنى لأحداث البعثة النبوية كالتالى:
البعثة النبوية استمرت (13) عاما فى مكة, و(10) أعوام بالمدينة, وكان بدء البعثة بالتاريخ الميلادى عام (610م), وكانت الهجرة للمدينة عام (623م) أى بعد (13) عاما فى مكة, وكانت وفاة النبى عام (633م) بعد (10) أعوام فى المدينة, والمفروض بهذا الخط المتفق عليه أن الرسول تزوج (عائشة) قبل الهجرة للمدينة بثلاثة أعوام، أى فى عام (620م), وهو ما يوافق العام العاشر من بدء الوحى، وكانت تبلغ من العمر (6) سنوات, ودخل بها فى نهاية العام الأول للهجرة أى فى نهاية عام (623م), وكانت تبلغ (9) سنوات, وذلك ما يعنى حسب التقويم الميلادى أى أنها ولدت عام (614م), أى فى السنة الرابعة من بدء الوحى حسب رواية البخارى، وهذا وهم كبير.
نقد الرواية تاريخيا:
1 - حساب عمر السيدة (عائشة) بالنسبة لعمر أختها (أسماء بنت أبى بكر-ذات النطاقين-):
تقول كل المصادر التاريخية السابق ذكرها إن (أسماء) كانت تكبر (عائشة) بـ(10) سنوات, كما تروى ذات المصادر بلا اختلاف واحد بينها, أن (أسماء) ولدت قبل الهجرة للمدينة بـ (27) عاما, ما يعنى أن عمرها مع بدء البعثة النبوية عام (610م) كان (14) سنة, وذلك بإنقاص من عمرها قبل الهجرة (13) سنة وهى سنوات الدعوة النبوية فى مكة, لأن (27-13= 14سنة), وكما ذكرت جميع المصادر بلا اختلاف أنها أكبر من (عائشة) بـ (10) سنوات, إذن يتأكد بذلك أن سن (عائشة )كان (4) سنوات مع بدء البعثة النبوية فى مكة, أى أنها ولدت قبل بدء الوحى بـ (4) سنوات كاملات, وذلك عام (606م), ومؤدى ذلك بحسبة بسيطة أن الرسول عندما نكحها فى مكة فى العام العاشر من بدء البعثة النبوية كان عمرها (14) سنة, لأن (4+10=14 سنة), أو بمعنى آخر أن (عائشة) ولدت عام (606م), وتزوجت النبى (620م), وهى فى عمر (14) سنة وأنه كما ذُكر بنى بها-دخل بها- بعد (3) سنوات وبضعة أشهر» أى فى نهاية السنة الأولى من الهجرة وبداية الثانية، عام (624م), فيصبح عمرها آنذاك (14+3+1= 18سنة كاملة), وهى السن الحقيقية التى تزوج فيها النبى الكريم (عائشة).
2 - حساب عمر (عائشة) بالنسبة لوفاة أختها(أسماء-ذات النطاقين):
تؤكد المصادر التاريخية السابقة بلا خلاف بينها أن (أسماء) توفيت بعد حادثة شهيرة مؤرخة ومثبتة، وهى مقتل ابنها (عبد الله بن الزبير) على يد (الحجاج) الطاغية الشهير, وذلك عام (73هـ), وكانت تبلغ من العمر (100)سنة كاملة, فلو قمنا بعملية طرح لعمر( أسماء) من عام وفاتها (73هـ), وهى تبلغ (100) سنة فيكون ( 100-73=27 سنة) وهو عمرها وقت الهجرة النبوية, وذلك ما يتطابق كليا مع عمرها المذكور فى المصادر التاريخية, فإذا طرحنا من عمرها (10) سنوات- وهى السنوات التى تكبر فيها أختها (عائشة)- يصبح عمر (عائشة) (27-10=17سنة) وهو عمر (عائشة) حين الهجرة, ولو بنى بها - دخل بها - النبى فى نهاية العام الأول يكون عمرها آنذاك(17+1=18 سنة) وهو ما يؤكد الحساب الصحيح لعمر السيدة (عائشة) عند الزواج من النبى، وما يعضد ذلك أيضا أن (الطبرى) يجزم بيقين فى كتابه (تاريخ الأمم) أن كل أولاد (أبى بكر) قد ولدوا فى الجاهلية, وذلك ما يتفق مع الخط الزمنى الصحيح, ويكشف ضعف رواية البخارى، لأن (عائشة) بالفعل قد ولدت فى العام الرابع قبل بدء البعثة النبوية.
3 - حساب عمر (عائشة) مقارنة (بفاطمة الزهراء) بنت النبى:
يذكر (ابن حجر) فى (الإصابة) أن (فاطمة) ولدت عام بناء الكعبة, والنبى ابن (35) سنة, وأنها أسن-أكبر- من عائشة بـ (5) سنوات, وعلى هذه الرواية التى أوردها (ابن حجر) مع أنها رواية ليست قوية, ولكن على فرض قوتها نجد أن (ابن حجر) وهو شارح (البخارى), يكذب رواية (البخارى) ضمنيا, لأنه إن كانت (فاطمة) ولدت والنبى فى عمر (35) سنة, فهذا يعنى أن (عائشة) ولدت والنبى يبلغ (40) سنة, وهو بدء نزول الوحى عليه, ما يعنى أن عمر (عائشة) عند الهجرة كان يساوى عدد سنوات الدعوة الإسلامية فى مكة وهى (13) سنة, وليس (9) سنوات, وقد أوردت هذه الرواية فقط لبيان الاضطراب الشديد فى رواية البخارى.نقد الرواية من كتب الحديث والسيرة:
1 - ذكر (ابن كثير) فى (البداية والنهاية) عن الذين سبقوا بإسلامهم: «ومن النساء... أسماء بنت أبى بكر وعائشة وهى صغيرة فكان إسلام هؤلاء فى ثلاث سنين ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدعو فى خفية, ثم أمر الله عز وجل رسوله بإظهار الدعوة», وبالطبع هذه الرواية تدل على أن (عائشة) قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة فى عام (4) من بدء البعثة النبوية, يما يوازى عام (614م), ومعنى ذلك أنها آمنت على الأقل فى عام (3) أى عام (613م), فلو أن (عائشة) على حسب رواية (البخارى) ولدت فى عام (4) من بدء الوحى, معنى ذلك أنها لم تكن على ظهر الأرض عند جهر النبى بالدعوة فى عام (4) من بدء الدعوة, أو أنها كانت رضيعة, وهذا ما يناقض كل الأدلة الواردة, ولكن الحساب السليم لعمرها يؤكد أنها ولدت فى عام (4) قبل بدء الوحى أى عام (606م), ما يستتبع أن عمرها عند الجهر بالدعوة عام (614م), يساوى (8) سنوات وهو ما يتفق مع الخط الزمنى الصحيح للأحداث, وينقض رواية البخارى.
2 - أخرج البخارى نفسه ( باب - جوار أبى بكر فى عهد النبى) أن (عائشة) قالت: «لم أعقل أبوى قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفى النهار بكرة وعشية، فلما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قِبَلَ الحبشة», ولا أدرى كيف أخرج البخارى هذا, فـ (عائشة) تقول إنها لم تعقل أبويها إلا وهما يدينان الدين, وذلك قبل هجرة الحبشة كما ذكَرَت, وتقول إن النبى كان يأتى بيتهم كل يوم, وهو ما يبين أنها كانت عاقلة لهذه الزيارات, والمؤكد أن هجرة الحبشة، إجماعا بين كتب التاريخ كانت فى عام (5) من بدء البعثة النبوية ما يوازى عام (615م), فلو صدقنا رواية البخارى أن عائشة ولدت عام (4) من بدء الدعوة عام (614م), فهذا يعنى أنها كانت رضيعة عند هجرة الحبشة, فكيف يتفق ذلك مع جملة (لم أعقل أبوى) وكلمة أعقل لا تحتاج توضيحا, ولكن بالحساب الزمنى الصحيح تكون (عائشة) فى هذا الوقت تبلغ (4 قبل بدء الدعوة، + 5 قبل هجرة الحبشة = 9 سنوات) وهو العمر الحقيقى لها آنذاك.
3 - أخرج الإمام (أحمد) فى (مسند عائشة): «لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون فقالت: يا رسول الله ألا تتزوج, قال: من، قالت: إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا, قال: فمن البكر قالت: أحب خلق الله إليك عائشة ابنة أبى بكر», وهنا يتبين أن (خولة بنت حكيم) عرضت البكر والثيب-المتزوجة سابقا-, على النبى فهل كانت تعرضهن على سبيل جاهزيتهن للزواج, أم على أن إحداهما طفلة يجب أن ينتظر النبى بلوغها النكاح, المؤكد من سياق الحديث أنها تعرضهن للزواج الحالى بدليل قولها (إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا) ولذلك لا يعقل أن تكون عائشة فى ذاك الوقت طفلة فى السادسة من عمرها, وتعرضها (خولة) للزواج بقولها (بكرا).
4 - أخرج الإمام (أحمد) أيضا عن (خولة بنت حكيم) حديثا طويلاً عن خطبة عائشة للرسول، ولكن المهم فيه ما يلى: «قالت أم رومان: إن مطعم بن عدى قد ذكرها على ابنه, ووالله ما وعد أبو بكر وعدا قط فاخلفه... لعلك مصبى صاحبنا», والمعنى ببساطة أن (المطعم بن عدى) وكان كافرا قد خطب (عائشة) لابنه (جبير بن مطعم) قبل النبى الكريم, وكان ( أبو بكر) يريد ألا يخلف وعده, فذهب إليه فوجده يقول له لعلِّى إذا زوجت ابنى من (عائشة) يُصبى أى (يؤمن بدينك), وهنا نتوقف مع نتائج مهمة جدا وهى: لا يمكن أن تكون (عائشة) مخطوبة قبل سن (6) سنوات لشاب كبير- لأنه حارب المسلمين فى بدر وأحد- يريد أن يتزوج مثل (جبير), كما أنه من المستحيل أن يخطب (أبو بكر) ابنته لأحد المشركين وهم يؤذون المسلمين فى مكة, مما يدل على أن هذا كان وعدا بالخطبة, وذلك قبل بدء البعثة النبوية حيث كان الاثنان فى سن صغيرة، وهو ما يؤكد أن (عائشة) ولدت قبل بدء البعثة النبوية يقينا.
5 - أخرج البخارى فى (باب- قوله: بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) عن (عائشة) قالت: «لقد أنزل على محمد [ بمكة، وإنى جارية ألعب «بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ», والمعلوم بلا خلاف أن سورة (القمر) نزلت بعد أربع سنوات من بدء الوحى بما يوازى (614م), فلو صدقنا رواية البخارى تكون (عائشة) إما أنها لم تولد أو أنها رضيعة حديثة الولادة عند نزول السورة, ولكن (عائشة) تقول (كنت جارية ألعب) أى أنها طفلة تلعب, فكيف تكون لم تولد بعد؟ ولكن الحساب المتوافق مع الأحداث يؤكد أن عمرها عام (4) من بدء الوحى، عند نزول السورة كان (8) سنوات، كما بينا مرارا وهو ما يتفق مع كلمة (جارية ألعب).
6 - أخرج البخارى ( باب- لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها) قال رسول الله: «لا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله وكيف إذنها قال أن تسكت», فكيف يقول الرسول الكريم هذا ويفعل عكسه, فالحديث الذى أورده البخارى عن سن أم المؤمنين عند زواجها ينسب إليها أنها قالت كنت ألعب بالبنات - بالعرائس - ولم يسألها أحد عن إذنها فى الزواج من النبى, وكيف يسألها وهى طفلة صغيرة جداً لا تعى معنى الزواج, وحتى موافقتها فى هذه السن لا تنتج أثرا شرعيا لأنها موافقة من غير مكلف ولا بالغ ولا عاقل.
نقد سند الرواية:
سأهتم هنا ببيان علل السند فى رواية البخارى فقط:جاء الحديث الذى ذكر فيه سن (أم المؤمنين) بخمس طرق وهى:حدثنى فروة بن أبى المغراء: حدثنا على بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة.حدثنى عبيد بن إسماعيل: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه. حدثنا معلى بن أسد: حدثنا وهيب، عن هشام بن عروة، عن عائشة.حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة.حدثنا قبيصة بن عقبة: حدثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن عروة. وكما نرى ترجع كل الروايات لراو واحد وهو (عروة) الذى تفرد بالحديث عن أم المؤمنين (عائشة) وتفرد بروايته عنه ابنه (هشام), وفى (هشام) تكمن المشكلة, حيث قال فيه (ابن حجر) فى (هدى السارى) و(التهذيب): «وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: كان مالك لا يرضاه، بلغنى أن مالكا نقم عليه حديثه لأهل العراق، قدم-جاء- الكوفة ثلاث مرات، قدمةً -مرة- كان يقول: حدثنى أبى، قال سمعت عائشة، وقدم-جاء- الثانية فكان يقول: أخبرنى أبى عن عائشة، وقدم-جاء- الثالثة فكان يقول: «أبى عن عائشة».والمعنى ببساطة أن (هشام بن عروة) كان صدوقا فى المدينة المنورة, ثم لما ذهب للعراق بدأ حفظه للحديث يسوء, وبدأ (يدلس) أى ينسب الحديث لغير راويه, ثم بدأ يقول (عن) أبى، بدلا من (سمعت أو حدثنى), والمعنى أنه فى علم الحديث كلمة (سمعت) أو (حدثنى) هى أقوى من قول الراوى (عن فلان), والحديث فى البخارى هكذا يقول فيه (هشام) عن (أبى) وليس ( سمعت أو حدثنى), وهو ما يؤيد الشك فى سند الحديث,
ثم النقطة الأهم أن الإمام (مالك) قال: إن حديث (هشام) بالعراق لا يقبل, فإذا طبقنا هذا على الحديث الذى أخرجه البخارى لوجدنا أنه محقق, فالحديث لم يروه راو واحد من المدينة بل كلهم عراقيون ما يقطع أن (هشام بن عروة) قد رواه بالعراق, بعد أن ساء حفظه ولا يعقل أن يمكث (هشام) بالمدينة عمرا طويلا, ولا يذكر حديثا مثل هذا ولو مرة واحدة, لهذا فإننا لا نجد أى ذكر لعمر السيدة (عائشة) عند زواجها بالنبى فى كتاب (الموطأ) للإمام مالك, وهو الذى رأى وسمع (هشام بن عروة) مباشرة بالمدينة,
فكفى بهاتين العلتين للشك فى سند الرواية فى البخارى, وذلك مع التأكيد على فساد متنها - نصها - الذى تأكد بالمقارنة التاريخية السابقة.أما ابتناء الفقهاء والمحدثين وأولهم البخارى على هذا الحديث أوهاما من الأحكام عن زواج الصغيرات فهذه صفحة سوداء من صفحات التراث, سنؤجل المناقشة فيها إلى حين, والغريب أننا نجد الوهابيين يروجون مقولة، إن البلاد الحارة تجعل البنت تبلغ باكرا وهى صغيرة, وهذا كلام البلهاء والسفهاء لأن البلاد الحارة وهى الجزيرة العربية، مازالت حارة, بل إن الحرارة قد ازدادت أضعافا مضاعفة، فلماذا لم نجد البنات تبلغ قبل أوانها فى السادسة أو حتى فى التاسعة, كما أن ذلك يتناقض مع الحقائق العلمية التى تؤكد عدم وجود دور يذكر للمناخ فى البلوغ المبكر.الخلاصة:أن السيدة عائشة تزوجت الرسول بعمر الـ (18) سنة على التقدير الصحيح, وليس (9) سنوات, وأن هذه الرواية التى أخرجها البخارى ببساطة رواية فاسدة النص ومرتابة السند, لأنها تخالف الشرع والعقل والأحاديث الصحيحة والعرف والذوق والعادة، كما تخالف بشدة قصوى الخط الزمنى لأحداث البعثة النبوية, فلا يجب أن نجل البخارى ومسلم أكثر مما نجل الرسول الكريم, فلنا أن نقبل ما رفضوه وأن نرفض ما قبلوه, فالإسلام ليس حكرا على الفقهاء والمحدثين ولا على زمانهم فقط, لذا فإننا نستطيع وبكل أريحية أن نستدرك على كل كتب الحديث والفقه والسيرة والتفسير, وأن ننقدها ونرفض الكثير مما جاء بها من أوهام وخرافات لا تنتهى, فهذه الكتب فى النهاية محض تراث بشرى لا يجب ولا ينبغى أن يصبغ بالقدسية أو الإلهية أبدا, فنحن وأهل التراث فى البشرية على درجة سواء, لا يفضل أحدنا الآخر, فصواب أعمالهم لأنفسهم والأخطاء تقع علينا.
التحقيق الصحفي بقلم : اسلام بحيرى , نشر هذا التحقيق في 13 /08/2008
---------------
و فى النهاية، الإختلاف فى الرأى لا يفسد حلة الملوخية كما أقول دائما.
و لو أصبت فمن الله التوفيق و إن أخطأت فمن نفسى و من الشيطان

كان معكم:

د\ علاء زكى.

مدونة (تحت الحزام)

السبت، 8 أغسطس 2009

تعدد الزوجات (رأى شخصى)...ء

بسم الله الرحمن الرحيم،
الزوجة الثانية؛ موضوع قد قتل بحثا ممن هم أشد منى علما و خبرة و تخصصا؛ أنا فقط سأسرد وجهة نظرى الخاصة بهذا الموضوع -كالعادة- دون مخالفة قاعدة فقهية معلومة بالضرورة أو إنتقاد أحد الآراء الدينية. سيكون رأيي -بالطبع- متفقا مع بعض قرائاتى وإن إختلف التحليل.
أساسا مبدأ تعدد الزوجات مبدأ ذو شقين. الشق الأول يتعلق بالحالات التى يبيح فيها الشرع -الصحيح- هذا التعدد؛ و الشق اثانى يتعلق بمدى قبول الناس عامة لهذا المبدأ و تفهمهم له.
----------------
يجب أن نعلم جميعا أن الشريعة الإسلامية جاءت لتقييد التعدد و ليس لإباحته؛ قد كانت عادة تعدد الزوجات شائعة جدا فى أيام الجاهلية؛ و قد أمر الرسول(ص) غيلان بن سَلَمة الثقفي أسلم وتحته عشرة نسوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اختر منهن أربعا.؛ و فى نفس السياق لم يأمر الرسول الكريم (ص) أى من المتزوجين بواحدة أن يزيد عليها؛ وهذا أظنه أساسا يضاد مبدأ التعدد المطلق الذى ينادى به البعض.
قد قال الله تعالى فى سورة النساء:
[ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ]
و كما يقول الشرع الحنيف -على حد علمى- أن الحكم يدور مع علته؛ أى أن إباحة التعدد تدور مع العدل؛
ثم نجد أن الله تعالى قد نفى إمكانية العدل بين النساء ولو حرص الرجال عليه فى نفس السورة:

كما قال تعالى: { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } [النساء: 129]
تفسير الطبرى:

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معنى ذلك: وإن خفتم، يا معشر أولياء اليتامى، أن لا تقسطوا في صداقهن فتعدلوا فيه، وتبلغوا بصداقهنَّ صدقات أمثالهنّ، فلا تنكحوهن، ولكن انكحوا غيرَهن من الغرائب اللواتي أحلّهن الله لكم وطيبهن، من واحدة إلى أربع، وإن خفتم أن تجوروا= إذا نكحتم من الغرائب أكثر من واحدة= فلا تعدلوا، فانكحوا منهن واحدة، أو ما ملكت أيمانكم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: النهي عن نكاح ما فوق الأربع، حِذارًا على أموال اليتامى أن يتلفها أولياؤهم. (1) وذلك أن قريشًا كان الرجل منهم يتزوج العشر من النساء والأكثر والأقل، فإذا صار معدمًا، مال على مال يتيمه الذي في حجره فأنفقه أو تزوج به. فنهوا عن ذلك، وقيل لهم: إن أنتم خفتم على أموال أيتامكم أن تنفقوها= فلا تعدلوا فيها، من أجل حاجتكم إليها لما يلزمكم من مُؤن نسائكم، فلا تجاوزوا فيما تنكحون من عدد النساء على أربعٍ= وإن خفتم أيضًا من الأربع أن لا تعدلوا في أموالهم، فاقتصروا على الواحدة، أو على ما ملكت أيمانكم.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى اللاتي أنتم وُلاتهن، فلا تنكحوهن، وانكحوا أنتم ما حل لكم منهن.

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال التي ذكرناها في ذلك بتأويل الآية، قول من قال: تأويلها:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى، فكذلك فخافوا في النساء، فلا تنكحوا منهن إلا ما لا تخافون أن تجورُوا فيه منهن، من واحدة إلى الأربع، فإن خفتم الجورَ في الواحدة أيضًا، فلا تنكحوها، ولكن عليكم بما ملكت أيمانكم، فإنه أحرى أن لا تجوروا عليهن".
---------------
أرى -فى وجهة نظرى الخاصة- أن إباحة التعدد و الدعوة لقبوله من النساء، لحل مشكلة العنوسة أو الخيانة الزوجية، سيتسبب فى مشكلة أكبر. فمثلا إذا طالبنا الفتيات بقبول أن يكن الزوجة الثانية لرجل متزوج، فإننا قد أغفلنا حق الزوجة الأولى -المعقود عليها النكاح- أن تقبل أن تكون بلقب الزوجة الأولى؛ و هناك العديد من النساء اللاتى لن يقبلن هذا الوضع، ولهم كل الحق و الحرية اللائى كفلها لهن الشرع و القانون فى طلب الطلاق أو الخلع -على حسب الرغبة-؛ و النتيجة طلاق جديد أو خلع جديد و أسرة جديدة تنهار بعد إنشاء أسرة أخرى على أنقاضها.
أنا لا أدرى، لماذا نلقى بالتهمة على القضاء و القدر و القسمة والنصيب عند سوء إختيار الزوجان بعضهما لبعض، و ندعوهما لقبول عيوب الآخر لأن الزواج فى النهاية قسمة و نصيب و زى البطيخة مش بنعرفها إلا بعد ما تتفتح، و فى نفس الوقت لا تعتبر كون إزدياد عدد متأخروا الزواج و المطلقات -بنفس المبدأ- قسمة و نصيب أيضا؟؟!. ولماذا، كما طالبنا المتزوجين تحمل حياة زوجية هشة و بائسة، لا نطلب من متأخروا الزواج الرضا بما قسمه الله لهم بتأخير أو منع زواجهم؟؟!
إذا أبحنا التعدد غير المقنن لتقليل الزنا و الخيانة الزوجية وإعتبرناها أحد الحلول المتاحة لتقليلهما، فإننى لا أستبعد أن يطالب المدمنين بإباحة بيع الأدوية المخدرة فى الصيدليات كى لا يسرقوها أو يتاجروا فيها.
لابد من علاج المرض نفسه و ليس نواتجه. لكن بما إننا أمة - و أكرر دائما و ما أبرئ نفسى- تهوى دفن الرؤوس فى الرمال و البحث عن أسهل الحلول، فإننا بحثنا عن إباحة التعدد و كأنها الملاذ الوحيد و لتلك المشاكل المؤرقة - العنوسة و الخيانة-، و نهاجم كل من تسول له نفسه أن يقنن هذا التعدد أو يقيده، و بل و نطالب الزوجة الأولى أن تتحمل هذا اللقب دونما شكوى و تتحمل "نصف الزوج" الذى سينتج عن زواجه الثانى، و لا نبحث عن طريقة لحفظ أعين الرجال و فراغ عين بعضهم.
و أخيرا الشق الثانى المتعلق بتقبل المجتمع و الناس -والنساء خصوصا- لهذا المبدأ؛
أنا لا أنتظر قبول البشر لتشريعات السماء حتى تتطبقها، أنا فقط أتمنى أن يطبق "منفذوا الشريعة" الشريعة كما تصح و أن لا يخاطبوا الناس بتلك اللهجة الآمرة المنفرة، و نهيهم عن السؤال، فقد بلغنى أن:
جاء في صحيح مسلم: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً"
وقد بوب على ذلك البخاري في الصحيح في كتاب العلم بقوله :" باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه "
وفي الضعفاء: عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قالوا : « يا رسول الله ، ما نسمع منك نحدث به كله ؟ فقال : » نعم ، إلا أن تحدثوا قوما حديثا لا تدركه عقولهم فيكون على بعضهم فتنة.
عن أبي الطفيل ، قال : سمعت عليا ـ رضي الله عنه ـ يقول: " أيها الناس أتريدون أن يكذب الله ورسوله حدثوا الناس بما يعرفون ، ودعوا ما ينكرون ، أخرجه البخاري في الترجمة عن عبيد الله بن موسى{ المدخل إلى السنن الكبرى}
أى أننى أظن أن إباحة التعدد غير المسببة و غير المقننة و غير المقرونة بالعدل، تفتن الناس و تحملهم مالا يطيقون، و تفسد العديد من الزيجات القائمة أصلا، و تعطى الحق للرجال فى سلب حقوق زوجاتهم فى حياة يختارونها، و إجبارهن على قبول الوضع أم التخلى عن جميع حقوقهن فيم يعرف بالخلع.
لذلك إنى أرى أنه لا ينبغى إباحة التعدد بدون سبب، لأنه لم يتنامى لعلمى أى من نصائح الرسول (ص) تدعو لتعدد الزوجات، و فى القرآن الكريم إتجاه نجو تقييد التعدد و إقرانه بتوخى العدل و المحافظة على حق الزوجة، و ليس إعتداء على حقوقها فى أن تعيش حياتها كما تختارها هى مع زوج كامل و أطفالهما -إن وجدوا- فى أسرة مستقرة. فإن التعدد أساسا قد شرعه الله تعالى للحفاظ على كيان المجتمع و ترابطه، و ليس لإطفاء شهوة الرجل فى تعدد النساء و فراغ أعينهم.
------------------
و فى النهاية -كالعادة- إن أصبت فمن الله،
و إن أخطأت فمن نفسى،
و أنا لا أجبر أحد على إعتقاد آرائى، أنا فقط أعرضها، و من يريد أن يناقشنى فليتفضل.
إبكوا معنا فى مدونة تحت الحزام
كلام × الصميم
كان معكم:
د/ علاء زكى.

الثلاثاء، 7 يوليو 2009

عايزين تتكلموا فى إيه؟

بسم الله الرحمن الرحيم،
كام سؤال بسيط أرجو إنكم تجاوبونى عليهم،
إيه شاغل بالك -منك له - اليومين دول؟
إيه اللى إنت شايفه مشكلة،،،ومحدش إتناقش فيها قبل كده؟ أو إتناقشتم و محدش قدر يقنعك أو يفهمك؟
حاجات بيقولو عليها عيب،،، حرام،،،، أى حاجة
إنت هنا فى مدونة تحت الحزام
وكما قلت فى أول إنشائى للمدونة،
أنه لا خطوط حمراء فى النقاش فى كل مواضيع المدونة،، بشرط أن يكون النقاش محترم
أى أن الزعل مرفوض تماما،
من غير قلة أدب أو طولة لسان،
نقاش هادف ناحية أفضل الحلول - من وجهة نظر كل واحد فينا -.
اللى عايز يناقش أى قضية أو أى رأى، مهما كان رأيه متطرف أوغريب،
يرد على البوست ده،
و يقول الموضوع أو الرأى اللى عايز يناقشه، و أنا هعمل ما فى وسعى لفتح باب النقاش فيه.
أتمنى إنكم ما تبخلوش عليا بردودكم
دايما منورين، فى مدونة
تحت الحزام
د.علاء زكى.

الاثنين، 29 يونيو 2009

شماعة القضاء و القدر

بسم الله الرحمن الرحيم،
اليوم موعدنا مع أكثر الشماعات إستخداما على جميع المستويات، (القضاء و القدر) و (القسمة و النصيب) و (مقدر و مكتوب)؛ كلها كلمات تحمل نفس المعنى، و هو أنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان. و يظل إتهام القدر و النصيب هو الملاذ الأول لكل مخطئ، و الشماعة التى تناسب كل الأخطاء و قصور البشر.
مثلا،
كنت فى يوم من الأيام أقضى نوباتجية فى إستقبال الباطنة بمستشفى الدمرداش؛ دخلت حالة "دوالى مرئ منفجرة" و المريضة كانت فى حالة Hematemesis شديدة. فى تلك الحالات، لابد من سرعة التحرك و السيطرة على الموقف، حتى يتم وقف النزيف حتى لا يتأثر باقى أعضاء الجسد تأثرأ دائما.
عندما دخلت الحالة، وجدت تبلدا لا مثيل له فى طاقم التمريض، بل و فى الأطباء أيضا. ظننت أننى منفعل نتيجة لحداثة خبرتى، فقد كنت فى السنة الخامسة فى كلية الطب؛ و إلتمست لهم العذر فى الهدوء المبالغ فيه، و إعتبرته الهدوء الذى سيسبق العاصفة. إنتظرت العاصفة طويلا و لم تظهر حتى بوادرها؛ حتى أن نائب القسم لم يكلف نفسه حتى إرسال طلب كيس دم, و حتى لم يأمرنا بتحديد الفصيلة لنقل الدم؛ و إعتبرها حالة ميتة ولم يفعل شيئا لإنقاذها، بل إنه أعطاها سوائل من عينة plasm expanders فقط، ولم يحاول حتى إيقاف النزيف بجدية. ظلت المريضة تنزف حوالى ساعتين، و لم يحرك أحد ساكنا، حتى توفيت المريضة أما عينى.
كانت تلك المرة أول مرة لى أرى فيها شخصا يموت، و قد أثر فى نفسى هذا الموقف جدا، و هذا الإستهتار و اللامبالاة التى تعامل بها الأطباء مع الحالة؛ حتى أننى كنت مع زميلى د.كمال، و تبادلنا الإنعاش القلبى و الرئوى طوال الساعتين؛ وكلما توقفنا عن الإنعاش، يقل نبض القلب بالتدريج، حتى نبدأ ثانية.
ظل معدل النبض يقل تدريجيا، دقة بدقة، من الرقم 250 - على ما أتذكر - إلى الرقم 100؛ و لكم أن تتخيلوا مقدار شدة أعصابى و أنا أفقد أول مريضة فى عمرى، وليس بأى شكل، بل بالتدريج؛ فاجأتنى إحدى النواب بكلمة، قتلت ما تبقى بداخلى من أمل، بادرتنى قائلة( كفاية إنعاش كده، و أول ما النبض يوصل 60، قول لأهلها يصوتوا عليها)!!!!!
كان هاين عليا ساعتها أن أصفعها على وجهها، إلا أننى كنت مذهولا، صامتا، ولم أحرك ساكنا، و نظرى معلق بجهاز المونيتور، و أنا أرى النبض يتهادى نحو نهايته،
60.59.58.57.56.55.54.53
و حتى الصفر،،،،،،
عندما نظرت بجوارى، وجدت زوجها واقفا، دامع العينين، يئن بجوارى،،،،لكنه سألنى بثبات (خلاص؟) ،،،، أجبته و أنا أقاوم دموعى (حضرتك شايف إيه؟)،،،،حتى أننى لم أجرؤ على أن أصرح له بوافتها،،،،أو بمقتلها،،،،أيهما أصح.
خرجت خارج غرفة الطوارئ، و أنا أكاد لا أرى أمامى. مشيت مسرعا نحو النائب و سألته
(هل هذا كل ما كان يتوجب علينا فعله بالنسبة لتلك الحالات؟)
قال لى (هنعمل لها إيه؟!!، نصيبها تموت هنا، ربنا كاتبلها كده)،
خرجت من المستشفى و أقسمت أننى لن أخطو بقدمى فى هذا المكان الملعون مرة أخرى. و خرجنا أنا و د.كمال، و ذهبنا إلى جاد عباس العقاد و تعشينا سويا، وإن لم أستطع نسيان ما حدث. حتى أنه قال لى - فيما بعد - أننى كنت أكلم نفسى و أنا معه.
ذهبت إلى المخروبة - كلية الطب - فى اليوم التالى، و عندما حكيت ما حدث لبعض زملائى، سمعت منهم نفس الإتهام للقضاء و القدر، و أن الله تعالى قدر لها الوفاة بتلك الطريقة، بنفس جملة النائب (ربنا عاوز كده)
مثال آخر:
عندما يرتبط إثنان، و يكتشفان أن لون الحياة ليس "بمبى"، بل أنه "كحلى" يقارب "السواد" فى بعض أحواله، و يكتشف كلا منهم عيوب الآخر، فإنهما سيصبران، لأن الموضوع ده (قسمة و نصيب)، و لا جناح عليهما فى عدم صحة الإختيار، ولا يلام أى واحد منهما عن تقصيره فى إختيار شريك حياته، بل يلومون ( القضاء و القدر) و (القسمة و النصيب)، كى يدفعوا عن أنفسهم تعب تحليل الأمور و البحث عن المقصر الحقيقى.
وفى المثالين السابقين، نجد فارقا كبيرا بين نوعين من البشر،
نوع يقوم بواجباته،،،،وينتظر قضاء الله،،،سواء بالنجاح أو بالفشل
و
نوع لا يقوم بواجباته،،،،،و ينتظر قضاء الله،، كى يحمله نتيجة تقصيره و تواكله.
ففى مثال المستشفى،
لو كان الطبيب أصر و حاول و نقل دم و أوقف النزيف،،،فإنه لم ليكن لينقذها إذا قدر الله لها الوفاة،،،،لكن فى تلك الحالة لن يلومه أحد،،،و إحنا عملنا اللى علينا و الباقى على ربنا،،،
لكن أن لا يفعل شيئا،،،،و لا يحرك ساكنا،،،،وينتظر وفاة المريضة - كما حدث - ،،،ثم يتهم القضاء و القدر بالتسبب فى وفاتها،،،فهذا ما لا يقبله عقلى أو عقل أى منصف.
و فى مثال الإرتباط،
لم يكن الله تعالى سيأمرنا، و يوصينا نبيه الأمين (ص)، بأن نحسن الإختيار إذا كان الأمر مقدرا، بهذا المعنى.
قد حددت لنا السنة النبوية المطهرة، شروط الإختيار السليم، فإذا تخيرناها،،،فما سيكون، هو الصواب،
وقد قال الله تعالى {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا}، أى أن هناك أجر لكل من إتقى الله، و عمل واجباته،،، بغض النظر عن النتيجة،،،فإن الله تعالى سيحاسبنا على الأعمال قبل النتائج.
أرجو من الله أن نقف وقفة صادقة مع أنفسنا،
و نحاول أن نتقى الله فى أفعالنا
و ننحى سلطة (بضم السين) القضاء و القدر جانبا
و نحاول أن نصل إلى المقصر الحقيقى فى أسباب فشلنا،، حتى نتكمن من تصحيح الأخطاء و اللحاق بركب التقدم،،الذى سبقنا بأميال و قرون،،،،و نحن مازلنا نبحث عن شماعة ما، تناسب حجم أخطائنا، دفعا لشبهة التقصير، و رغبة فى الإستسهال.
و فى النهاية،
هذا رأيى الشخصى،
أتمنى من الله التوفيق، و العفو إذا أخطأت.
إبقوا معنا فى مدونة
تحت الحزام
أنتم مع
د.علاء زكى.