الاثنين، 13 سبتمبر 2010

الكذب الحلو و النفاق الجميل

وكأننى قد نسيت الكتابة،
قلمى يشعر بالخمول – على غير العادة –، أظن أن توقّفى عن الكتابة قد أدى لتزاحم العديد من الأفكار فى رأسى، مما نتج عنه بطء فى إخراجها – الأفكار – أو أن الصدأ قد علا يدي (من الركنة) و نتج عنه عدم تناسق بين معدّل التفكير و معدّل الكتابة، فإننى ألحظ أن خطى الآن أسوأ مما سبق.

إن شيوع النفاق و الكذب قد فاق الحدّ، ولم يعد هناك بدّاً من مواجهتهما؛ إنتشرا إنتشاراً سريعاً فى بداياتهما، ثم إنتقلا لمرحلة الإنتشار التراكمى، و مهما شبّهنا هذا الإنتشار السريع و المتوغّل فى المجتمع بالإنتشار السرطانى فإننا – مع ذلك – لم نوفّه حقه فى وصفه بالسوء، فهناك أورام سرطانية ليست بهذا السوء و بعضها هناك أمل فى الشفاء منه؛ لكن هاتين الصفتين – أراهما – قد إنتشرا إنتشاراً واسعاً، غاية فى الخبث و الشراسة، و إلى حد قد يصعب معه – أو يستحيل – العلاج.
إننى قد أفهم أن يلجأ الإنسان إلى الكذب مضطراً لدفع ضُرّ أو لجلب منفعة ما، لكن أن يصبح الإنسان يكذب لمجرد الكذب و كأنه روتين و عادى، فهذا ما لا أفهمه؛ و نتيجة للتعوّد على الخطأ فقد بدأت تنحسر عنه – الكذب – كل أوجه الخجل و كل أوصاف الحرام، فلم يعد الكذاب يخجل من كونه كذاباً أو حتى يقبل أن تصفه بأنه يفعل مُحَرّماً. حتى أن الناس قد بدأوا يعتادون الكذب "على الفاضية و المليانة"، و بدأت أمواج الصراحة و الصدق و المكاشفة تنحسر عن شواطئ التعاملات بين الناس، كاشفةً عن مخلّفات الكذب على رماله السوداء التى تعلق فيها سفن الكلام مع بعضهم، فأصبح من يكذب لا يستطيع العودة بسفينته إلى محيط الصدق و الصراحة بعدما علقت على شواطئ الكذب؛ و أصبحت المشكلة الآن أكبر من منع الناس عن الكذب، بل أنها – المشكلة – أصبحت أن تجعل الناس يتقبّلون الصدق و لا ينكرونه.
كنت أظن أنه فى المعتاد أن يستتر كل من يعصى الله تعالى أو من يخطئ، فقد قالتها لى والدتى – رعاها الله – حينما كنت صغيراً: "لو خبيت اللى إنت بتعمله، يبقى اللى إنت بتعمله ده غلط"، كى تعلّمنى كيفية التفرقة بين الصواب و الخطأ ببساطة شديدة؛ لذلك إرتبط الخفاء عندى بالخطأ، و يعنى ذلك أن الإستتار من صفات العصيان و الأخطاء؛ لكنه قد تبيّن لى – بعد ٢٦ سنة – بعدها أن ما يحكم بإستتار الشئ أو إخفاؤه هو طباع الناس و ما إعتادوا عليه، حتى أنه الآن قد يستتر من يقول الصدق برعم كونه على الحق، و قد يجاهر الكذاب بكذبه برغم كونه على باطل.
لكن أيضاً، شيوع صفة ما فى مكان معيّن أو فى حقبة معيّنة أو فى شعب معيّن أو قوم ما لا يدل على أن ما إعتادوا عليه صواباً، و لا أحكم بصلاحيّة أو صوات أى خصلة من الخصال بمدى شيوعها و كثرة المتّصفين بها؛
فمثلاً،
عندما إنتشرت صفة اللواط فى قوم سيدنا لوط عليه السلام، لم تجد فى القوم من ينكرها – تلك الصفة – وفى نفس الوقت لم يجعل ذاك إلإنتشار و مصاحبته للإعلان و عدم الإنكار تلك المعصيّة حلالاً. وما حدث أنهم كانوا يأتون فى ناديهم – أماكن تجمّعاتهم و لهوهم – المنكر، و الأغرب أنهم لم يكتفوا بهذا، بل أنهم طالبوا بإخراج آل لوط من القرية و هم – العصاة – ينكرون على آل سيدنا لوط أنهم أناس يتطهرون.عجبت لإصرارهم على المعصية، و إدانتهم للطهارة و العفة و الفطرة بتلك الطريقة الغريبة؛ لكننى – و ياللعجب – كلما كبرت فى العمر و زاد محيط تعاملاتى مع المحيطين بى إكتشفت فيهم نفس الإسلوب الخسيس بإقرار المعصيّة و السوء و إنكار الصواب و الطاعة.
لم يتوقف من هم حولى عن دعوتى للإمتناع عن الطاعة والصدق و حسن الخلق، بدعوى أنه قد عفا الزمان على تلك المبادئ و تغيّرت الدنيا و يجب علينا أن نتغيّر معها، لكنى ما زلت أقاوم و أقول أنه لو كان لابد من التغيير فإنه لن يكون عندى أنا.عجبت ممن يعصى و يخطئ، و عجبت أكثر ممن يجاهر بمعصيته و خطإه، و إذهلتنى كراهيته أن يرانى أفعل الصواب؛ أشعر أن الناس قد لا يبذلون كل هذا الجهد فى الدعوة إلى المنكر بقدر ما يبذلون من جهد فى إنكار الصواب و نعته بالخطأ، فكم من محاور قد حاورنى عن مساوئ الصدق و الصراحة، و أنها إتجاه واحد، بمعنى "اللى يروح م يرجعش" و فى نفس الوقت يعدد لى مناقب الكذب و النفاق و الراحة التى سأحصل عليها منهما، لكنى لم أجد منه نفس الإصرار فى دعوتى للكذب و التملّق و النفاق، مقارنة بإصراره على دعوتى لترك الصدق و الصراحة؛ بمعنى أنه لا يدلك على المعصية بقدر ما يمنعك عن الطاعة.

** عن عبد الله ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >> عليكم بالصدق ،،،فإن الصدق يهدي إلى البرّ ، وإن البرّ يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً .>> وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذّاباً .(متفق عليه)

************************************

وعن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏من علامات المنافق ثلاثة‏: وفي رواية : اية المنافق ثلاث‏:‏ 1- إذا حدّث كذب ‏، 2- وإذا وعد أخلف‏ ، وإذا أئتمن خان‏‏‏.‏ (صحيح مسلم)

**
"لا يكن احدكم امعة، يقول: انا مع الناس ان أحسن الناس أحسنت وان أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إن احسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا أن تتجنبوا إساءتهم".

******************************
كنتم مع د. علاء زكى × مدونة تحت الحزام

الجمعة، 10 سبتمبر 2010

طب المصاطب و المسلسلات،،،،، إتفضلوا معانا

"مش عارف ليه النهاردة حاسس إنى مكتئب شوية"
"الواد يا حبة عينى تعب و وديناه المستشفى و علقوله محاليل"
"البت سمعت الموضوع ده من هنا،،، و قام جالها إنهيار عصبى"
"الراجل يا عين أمه،،، مستحملش و دخل فى غيبوبة"
"أصل أنا إمبارح نمت فى التكييف و جالى برد فى ضهرى"

تلك الكلمات و أكثر منها قد يسمعها أى شخص يعيش فى وسطنا، و بتكرار يومى يثير العجب؛ بالطبع لأنها تحتوى بعض المصطلحات الطبية فإن إستخدامها مع الأطباء قد يكون أكثر من غيرهم، و قد إستمعت لها – تلك الكلمات – بل و أكثر منها، طوال فترة عملى – 4 سنوات – فى مجالات الخدمة الطبية فى العديد من أماكن الرعاية الصحية المختلفة؛ و برغم عدم إستساغتى لها منذ أول إحتكاك بينى و بين قائليها إلا أننى لم أكن أتعرض لها أو لقائلها بالنقد. لكن المشكلة بدأت بالظهور عندما بدأت أعترض و أناقش و أتعرّض بالنقد – كعادتى – لمعنى تلك الكلمات و إستخداماتها الملتوية و التى تتنامى بسرعة حتى أنها كادت أن تحاصرنى فى كل مكان، حتى أن هناك من يطلب منى أن أتنازل عن ما أؤمن به و أجارى الناس – كالعادة – عملاً بسياسة القطيع و تجنباً للخلافات الجانبية – فى رأيهم – و أخبر الناس ما يريدون سماعه.

من الممكن أن يظن أحدكم أن الموضوع هيّن و تافه و لا يستحق الذِكْر، و أننى أُحَمِلهُ فوق ما يستحقّ من الإهتمام؛ لكننى أتمنى فقط أن تلاحظوا معى مدى إنتشار إدعاء المرض و دفع الواجبات بإدعاء العجز. إن هذا الإنتشار مرتبط بثقافة ما قد توغّلت إلى أبعد الحدود و لم يعد بالإمكان إستئصالها من جذورها، لكنى سأحاول التصدّى لتوريثها لأجيال و أجيال، فإننى أتمنى أن ينتهى ذاك الدوران فى تلك الدائرة المُفْرغة التى تبدو و كأنها لا نهاية لها.
إنها ثقافة "التمارض" و "المسكنة" و "الإستسهال و دفع المسائلة"؛ و إن كنت قد تعرّضت بالنقد سابقاً فى هذه المدونة – "تحت الحزام" – لبعض الشماعات التى يستخدمها أغلبنا فى التهّرُب من المسائلة و إلقاء التهم على أى شئ آخر بالتسبب فى الفشل فى أى من الأعمال المنوطة بنا، فإننى قد أغفلت ذكرها – "التمارض" و "المسكنة" – نظراً لتعرّضى للشماعات الدينيّة فقط – فى الغالب –، أما الآن فقط زاد الإتكاء على الشماعات الدنيويّة أيضاً حتى أننى قد بدأت تُعيينى الحِيَل فى مقاومة تلك الشخصيات التى تدّعى ضعف الحيلة و العجز؛ كانت تلك الثقافة قد بدأت إنتشارها إعتماداً على تفشّى الجهل و العجز الفعلى، فإنتشرت فى وسط الطبقة من الأميّين، بل و المُتَعلّمين الغير مثقفين أيضاً، فقد بدأت النبتة الأولى عن طريق تبسيط للمعلومات من الأطبّاء رغبة منهم فى إيصال التعليمات إلى المرضى من ذلك الوسَطْ – الأًميّين و أنصاف المتعلّمين –، لكن المشكلة هنا ظهرت مع "التبسيط المُخِلّ" للمعلومات و التعليمات. فقد يستسهل الطبيب أو يستعظم المجهود المطلوب فى توصيل المعلومة للمريض، فيستخدم تعبير "إنت عندك برد فى ظهرك" كى يصف له تشخيص (إلتهاب أو تَمَزُّق فى عضلات الظهر)، و تظهر المشكلة بشكل أكبر حينما قد يلجأ الطبيب فى بعض الإحوال عندما يفشل فى تفسير المُتسبّب فى المرض إلى إرجاؤه – المرض – إلى أى سبب تافه أو حتى عديم القيمة و لا تأثير له على الإطلاق، رغبة منه فى حفظ ماء الوجه و إستكباراً منه للإعتراف بجهله أو بعجزه عن تشخيص ولو مريض واحد. المضحك أنه فى معظم الأحوال بإصابة "البرد فى الظهر" تلك، أنك تجد المريض قد إعتاد النوم تحت المروحة أو فى التكييف منذ عشرات السنين و تحت أى ظروف، لكنها اليوم قد أصابته ب "برد" فى الظهر!!!، فلماذا اليوم فقط؟.
{ربما لأن اليوم قد وافق يوم الإحتفال بسنويّة زواجه و يريد أن يتهرّب – المريض – من الإحتفال ليلاً به و "ربنا يستر علينا كلنا"، (أظن فهمتونى يا قليل الأدب منك له ؛)}.
قد بدأت المتوالية الهندسية منذ عقود، و أظنها لم تتوقّف بعد. ربما نتيجة لإستمرار الإطباء فى إستخدام نفس "المُسببات" المفتعلة، و ربما نتيجة لقلّة الوعى الصِحّى و إعتماد الإطبّاء على "الخبرة" بعيداً عن العِلْم، أو ربما للإثنين معاً. لكن قد ظهرت بعد المؤثرات الخارجيّة على تشكيل الوعى القومى، و أحدها – إن لم يكن الوحيد – هو التلفاز، الذى صار ضيفاً إجبارياً فى كل البيوت، و يقوم يوميّا بغسل مخ عامة الناس و تشكيل آرائهم بطريقة المسح و الإضافة، و لكونه المؤثر الوحيد فى بيئة أغلبها ممن لا يقرأون – سواء أميّة أو إنعدام ثقافة – فإن ما يقدمه هذا الجهاز العجيب – التلفاز – يصير قاعدة فى عقول العامة لا يحيد عنها إلا هالك، فنشأت أواخر أجيالنا فى وسط الضياع الثقافى و مُسِخَت الهويّة و شاعت الأفكار المغلوطة على جميع المستويات، فصارت بلادنا لا تًنْكر منكراً و لا تُحِقّ حقّاً؛ لا يغترّ أحدكم و يظن تفاهة الموضوع الذى نناقشه فإنه كجبل الجليد، لا يظهر منه سوى أقل من سدس حجمه.

قد شاهدت فى اليومين الماضيين – رغماً عنى – إحدى الحلقات من المسلسلات التى تعجّ بها قنواتنا الفضائية فى شهر رمضان المبارك – مع الأسف – و وجدت فيها ما يندى له الجبين من الإستخفاف بعقول المشاهدين؛ فلو فقد أى شخص وعيه بعدما إستمع إلى خبر مؤلم أو مفاجأة، فإن التشخيص الملائم للحبكة الدرامية هو طبيب يرتدى بدلة فرز تالت لا يكاد يجيد الحوار أمام كاميرات التصوير، يتحدّث فى سرعة و يقول:
"المريض حالته حرجة أوى، عنده صدمة عصبية شديدة"،
هنا مع إيمانى بتفاهة المعلومة و التشخيص المبدئى للحالة، ما قد لا يلتفت إليه البعض هنا أن فى المشاهدين من لا يمتلك أى ثقافة طِبيّة تُذْكَر و سترتسم فى عقله – التافه – أن أحد أسباب الإصابة بالصدمة العصبية هو "الزَعَلْ" أو "الخَضّة"، برغم أن كل الأطباء – أو معظمهم – يعلمون أن التعريف العلمى للصدمة العصبية Neurogenic Shock هو حالة هبوط شديد فى ضغط الدم و تباطؤ فى نبض القلب و قد تصل فى بعض الحالات إلى فشل فى التنفس و توقف بعضلة القلب، لكنها تنتج عن:
1. تعرّض المريض لآلام جسمانية مُبْرحَة.
2. تلف بالمخ أو بالعمود الفقرى.
3. تخدير خاطئ أثناء العمليّات الجراحيّة.
4. إستخدام بعض العقارات و المكونات الكيميائية.
ولم أجد فى أى من المراجع أنها قد تنتج عن "الزَعَلْ" أو "الخَضّة"، لكنها وفى نفس الوقت الحلّ المثالى لكل من يريد التهرّب من أى من المُسائلات أو الحساب أن يدّعى فقط الإغماء و يدع الباقى لعقليّة المحيطين به أن ترسم إصابته ب "صدمة عصبية"، و المشكلة هاهنا ستكون فى الطبيب الوغد الذى سيحاول إقناع الإهل و الأحبة بأن المريض لا يعانى من أى من الأمراض، فإنه لابد و أن يكون وغداً لا يشاهد التلفاز و لا يستقى منه آخر التحديثات الطبية؛ طالما البيه المؤلف و البيه المخرج و البيه الممثل قالوا أن "الزَعَلْ" أو "الخَضّة" من مسببات "الصدمة العصبية" فإنها حقيقة واقعة لا يمتلك طبيب وغد مثلك أن يناقشها،،،،،،،،،، إفهموها بقة.

مثال آخر للإسفاف الفنى و الإستخفاف بعقول المشاهدين، وهو تأسيس مبدأ "السكر" و "الضغط" العصبى؛ من الممكن أن يكون القليل منكم من إستمع إلى هاتين التشخيصين، لكن بحكم تَخَصّصى فإننى أحتك بمرضى الضغط و السكر يومياً، فقد إستمعت إلى تلك العبارات كثيراً، "أصل أنا كان عندى السكر و خفيت منه"، و "أنا مبخدش دواء ضغط عشان الضغط اللى عندى ضغط عصبى"؛ و أعانى الأمرّين فى إقناع كل مريض بأنه لا يوجد من يشفى من مرض السكر – إذا تم تشخيصه بالطريقة الصحيحة – إلا فى حالات "سكر الحمل" أو "سكر ناتج عن تعاطى دواء ما"، و بعد التأكد من ذلك الشارب الذى يقف عليه الصقر فإن المريض رجل، و الرجال – على حد علمى – لا تحمل؛ و قد ظللت فترة ليست بالقليلة أتّهم الإطباء بالمسئولية عن هذا التخلّف نتيجة محاولة "التبسيط المُخِلّ" أو "الجهل العلمى"، لكننى إكتشفت الحقيقة المُرّة و هى أنه فى إحدى المسلسلات – المقدسة – فى شهر رمضان أصيبت بطلة المسلسل بمرض السكر بعدما قست عليها الظروف و إختفى إبنها، لكنها – يا سبحان الله – قد شُفِيَت أول ما وقع نظرها على إبنها – إسم الله عليه – أول عودته؛ و هنا قد تبيّن لى أنى أنا الآخر أحد الأطباء الأوغاد الذين لا يشاهدون التلفاز؛ و للعلم فإن هناك سوابق كثيرة لسيناريوهات تحتاج إلى خلق بعض نقاط التحوّل و التى يفشل – أو يستسهل – المؤلف حبكتها و يلجأ إلى إبتكار مرض جديد أو علاج مشعوذ ما فيصاب الإبن بشلل فى ذراعه إذا ضرب إمرأة فى الشارع و يتضح من السياق أنها أمه، و برغم إنتفاء التعمّد و بالتالى إنتفاء الإتهام بالعقوق إلا أنه لا تتغيّر العقوبة؛ و هناك من يشفى من "غيبوبة" عندما يقول له أحد الحاضرين "قوم عشان خاطر ربنا"، فتحدث المعجزة و يفتح عيناه و كأنه قد تكرّم و تنازل و أفاق من تلك الغيبوبة فقط من أجل الله، و كأنه – المريض – قد دخل فى الغيبوبة بمزاجه,,,,,,,,,, إرحمنا يا رب.

إنها تلك الثقافة اللعينة التى يتسبب البرد فيها بكل الأمراض، و إنه لن يفاجئنى إن يتم إكتشاف أن البرد هو سبب الإيدز و الطاعون بعد سنوات قليلة؛ إنها ثقافة البحث عن مبررات و شماعات التعليق؛ إنها نفس الثقافة التى لا يتم التفريق فيها "الحزن و الضيق" و بين "الإكتئاب" مع أن الحزن عارض و الإكتئاب مرض؛ نفس الثقافة التى تدّعى فيها كل أنثى أنها "هبطانة" فى أى وقت طوال العام؛ نفس ثقافة الطبيب الذى يوهم مريضه و يخدعه بتشخيص "إرتخاء الصمام الميترالى" و يتهمه – أى التشخيص – بالتسبب فى كل شئ، حتى أنه ممكن أن يتهمه بالتسبب فى النزاع العربى الإسرائيلى، مع العلم بأن تلك الحالة شائعة الحدوث فى حوالى ٣٨ % من المراهقين و لا تتسبب فى أى من المضاعفات إلا فى حالات نادرة جداً، لكن ذلك التشخيص يوفّر على الطبيب تعب البحث عن المُسَبِّب الرئيسى للأعراض، و يوفّر على "المدام" شغل البيت، و يعطيها كل الحق فى الإستكانة و الراحة إدعاءً للمرض و "إياك تزعلها يا خويا، دى عندها إنزلاء سمام فى القلب"، و "إنت سقطت ليه يا خويا؟".... "معلش بقى أصل الصمام مش بيخللينى أعرف أركّز"....و "إنت مش بتشتغل ليه يا خويا بدل م مراتك متمرمطة كده"،،،،،، "معلش أصلى تعبان و باخد حقنة كل شهر"،،،،،،
هذا لا ينفى وجود بعض الحالات المرضية الفعلية وسطنا، لكن نسبتها بالنسبة لمن يدعى المرض تكاد تكون معدومة؛ و أكاد أجزم أنه لو تمت فلترة المرضى و تم معاقبة المدعين بالحبس فإن أغلب مرضى اليوم سيصبحون سجناء الغد؛ و طالما ظلّ "المفسديون" – التيليفزيون سابقاً – هو مصدر المعلومات و المشَكِّل الأول و الأخير للثقافة، فإننى أطالب السادة المؤلفين بأن يتفضلّوا بالتدريس فى كليّة الطب و كل دكتور جامعة "يروح يقعد فى بيتهم أمام التيليفزيون يشوفله مسلسل ينفعه".......
------------------------------------
و فى النهاية:
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "انها ستكون سنون خداعات .. يخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن .. ويكذب فيها الصادق .. ويصدق فيها الكاذب .. وينطق فيها الرويبضة .. قالوا وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه يتكلم فى أمر العامة.
-------------------------------------
كنتم مع د. علاء زكى ×
مدونة تحت الحزام
لكن،،،،
سؤال أخير،،،،،،،،

"أخبرنى بصراحة،،،،،،،، هل هذا موضوع تافه؟؟"

إبكوا معنا،،،،،، واااااااااااااااااااااااااااااااااء