الاثنين، 29 يونيو 2009

شماعة القضاء و القدر

بسم الله الرحمن الرحيم،
اليوم موعدنا مع أكثر الشماعات إستخداما على جميع المستويات، (القضاء و القدر) و (القسمة و النصيب) و (مقدر و مكتوب)؛ كلها كلمات تحمل نفس المعنى، و هو أنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان. و يظل إتهام القدر و النصيب هو الملاذ الأول لكل مخطئ، و الشماعة التى تناسب كل الأخطاء و قصور البشر.
مثلا،
كنت فى يوم من الأيام أقضى نوباتجية فى إستقبال الباطنة بمستشفى الدمرداش؛ دخلت حالة "دوالى مرئ منفجرة" و المريضة كانت فى حالة Hematemesis شديدة. فى تلك الحالات، لابد من سرعة التحرك و السيطرة على الموقف، حتى يتم وقف النزيف حتى لا يتأثر باقى أعضاء الجسد تأثرأ دائما.
عندما دخلت الحالة، وجدت تبلدا لا مثيل له فى طاقم التمريض، بل و فى الأطباء أيضا. ظننت أننى منفعل نتيجة لحداثة خبرتى، فقد كنت فى السنة الخامسة فى كلية الطب؛ و إلتمست لهم العذر فى الهدوء المبالغ فيه، و إعتبرته الهدوء الذى سيسبق العاصفة. إنتظرت العاصفة طويلا و لم تظهر حتى بوادرها؛ حتى أن نائب القسم لم يكلف نفسه حتى إرسال طلب كيس دم, و حتى لم يأمرنا بتحديد الفصيلة لنقل الدم؛ و إعتبرها حالة ميتة ولم يفعل شيئا لإنقاذها، بل إنه أعطاها سوائل من عينة plasm expanders فقط، ولم يحاول حتى إيقاف النزيف بجدية. ظلت المريضة تنزف حوالى ساعتين، و لم يحرك أحد ساكنا، حتى توفيت المريضة أما عينى.
كانت تلك المرة أول مرة لى أرى فيها شخصا يموت، و قد أثر فى نفسى هذا الموقف جدا، و هذا الإستهتار و اللامبالاة التى تعامل بها الأطباء مع الحالة؛ حتى أننى كنت مع زميلى د.كمال، و تبادلنا الإنعاش القلبى و الرئوى طوال الساعتين؛ وكلما توقفنا عن الإنعاش، يقل نبض القلب بالتدريج، حتى نبدأ ثانية.
ظل معدل النبض يقل تدريجيا، دقة بدقة، من الرقم 250 - على ما أتذكر - إلى الرقم 100؛ و لكم أن تتخيلوا مقدار شدة أعصابى و أنا أفقد أول مريضة فى عمرى، وليس بأى شكل، بل بالتدريج؛ فاجأتنى إحدى النواب بكلمة، قتلت ما تبقى بداخلى من أمل، بادرتنى قائلة( كفاية إنعاش كده، و أول ما النبض يوصل 60، قول لأهلها يصوتوا عليها)!!!!!
كان هاين عليا ساعتها أن أصفعها على وجهها، إلا أننى كنت مذهولا، صامتا، ولم أحرك ساكنا، و نظرى معلق بجهاز المونيتور، و أنا أرى النبض يتهادى نحو نهايته،
60.59.58.57.56.55.54.53
و حتى الصفر،،،،،،
عندما نظرت بجوارى، وجدت زوجها واقفا، دامع العينين، يئن بجوارى،،،،لكنه سألنى بثبات (خلاص؟) ،،،، أجبته و أنا أقاوم دموعى (حضرتك شايف إيه؟)،،،،حتى أننى لم أجرؤ على أن أصرح له بوافتها،،،،أو بمقتلها،،،،أيهما أصح.
خرجت خارج غرفة الطوارئ، و أنا أكاد لا أرى أمامى. مشيت مسرعا نحو النائب و سألته
(هل هذا كل ما كان يتوجب علينا فعله بالنسبة لتلك الحالات؟)
قال لى (هنعمل لها إيه؟!!، نصيبها تموت هنا، ربنا كاتبلها كده)،
خرجت من المستشفى و أقسمت أننى لن أخطو بقدمى فى هذا المكان الملعون مرة أخرى. و خرجنا أنا و د.كمال، و ذهبنا إلى جاد عباس العقاد و تعشينا سويا، وإن لم أستطع نسيان ما حدث. حتى أنه قال لى - فيما بعد - أننى كنت أكلم نفسى و أنا معه.
ذهبت إلى المخروبة - كلية الطب - فى اليوم التالى، و عندما حكيت ما حدث لبعض زملائى، سمعت منهم نفس الإتهام للقضاء و القدر، و أن الله تعالى قدر لها الوفاة بتلك الطريقة، بنفس جملة النائب (ربنا عاوز كده)
مثال آخر:
عندما يرتبط إثنان، و يكتشفان أن لون الحياة ليس "بمبى"، بل أنه "كحلى" يقارب "السواد" فى بعض أحواله، و يكتشف كلا منهم عيوب الآخر، فإنهما سيصبران، لأن الموضوع ده (قسمة و نصيب)، و لا جناح عليهما فى عدم صحة الإختيار، ولا يلام أى واحد منهما عن تقصيره فى إختيار شريك حياته، بل يلومون ( القضاء و القدر) و (القسمة و النصيب)، كى يدفعوا عن أنفسهم تعب تحليل الأمور و البحث عن المقصر الحقيقى.
وفى المثالين السابقين، نجد فارقا كبيرا بين نوعين من البشر،
نوع يقوم بواجباته،،،،وينتظر قضاء الله،،،سواء بالنجاح أو بالفشل
و
نوع لا يقوم بواجباته،،،،،و ينتظر قضاء الله،، كى يحمله نتيجة تقصيره و تواكله.
ففى مثال المستشفى،
لو كان الطبيب أصر و حاول و نقل دم و أوقف النزيف،،،فإنه لم ليكن لينقذها إذا قدر الله لها الوفاة،،،،لكن فى تلك الحالة لن يلومه أحد،،،و إحنا عملنا اللى علينا و الباقى على ربنا،،،
لكن أن لا يفعل شيئا،،،،و لا يحرك ساكنا،،،،وينتظر وفاة المريضة - كما حدث - ،،،ثم يتهم القضاء و القدر بالتسبب فى وفاتها،،،فهذا ما لا يقبله عقلى أو عقل أى منصف.
و فى مثال الإرتباط،
لم يكن الله تعالى سيأمرنا، و يوصينا نبيه الأمين (ص)، بأن نحسن الإختيار إذا كان الأمر مقدرا، بهذا المعنى.
قد حددت لنا السنة النبوية المطهرة، شروط الإختيار السليم، فإذا تخيرناها،،،فما سيكون، هو الصواب،
وقد قال الله تعالى {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا}، أى أن هناك أجر لكل من إتقى الله، و عمل واجباته،،، بغض النظر عن النتيجة،،،فإن الله تعالى سيحاسبنا على الأعمال قبل النتائج.
أرجو من الله أن نقف وقفة صادقة مع أنفسنا،
و نحاول أن نتقى الله فى أفعالنا
و ننحى سلطة (بضم السين) القضاء و القدر جانبا
و نحاول أن نصل إلى المقصر الحقيقى فى أسباب فشلنا،، حتى نتكمن من تصحيح الأخطاء و اللحاق بركب التقدم،،الذى سبقنا بأميال و قرون،،،،و نحن مازلنا نبحث عن شماعة ما، تناسب حجم أخطائنا، دفعا لشبهة التقصير، و رغبة فى الإستسهال.
و فى النهاية،
هذا رأيى الشخصى،
أتمنى من الله التوفيق، و العفو إذا أخطأت.
إبقوا معنا فى مدونة
تحت الحزام
أنتم مع
د.علاء زكى.

الجمعة، 26 يونيو 2009

السحر

بسم الله الرحمن الرحيم،
السحر،
تف تف تف، الشر بره و بعيد،
سامحوه، أصله ميعرفش،
تجد الناس - على إختلاف مستوياتهم - يؤمنون بالسحر، و بقدرته المضمونة على التأثير فى الناس؛ تجد الناس تخشى الحديث عن الجان و العفاريت - خصوصا ليلاً -، و يعتقدون فى المس الشيطانى و سلطة الجان - بضم السين و ليس فتحها - و العالم السفلى و السحر الأسود و كأنه هناك سحر أبيض!!.
----------
هنا يجدر تكرار عدم إنكارى للسحر من أساسه، لآنه ذكر فى القرآن؛
أنا أنكر فقط قدرته على التأثير فى مقادير الناس أو أذيتهم، فى العصر الحالى على الأقل.
---------
معنى السحر:
لفظا، هى تعنى" الفترة بين الفجر و بزوغ الشمس، أى فترة بين بين، ولا يدل ما نراه على الواقع الفعلى"
أى: عدم موافقة الحقيقة الواقعة لما نراه بأعيننا،
أى نوع من الخداع البصرى،،،
و تعنى فى بعض المواضع "الكذب".
يا إما تعنى فعل خارق لا يصدر عن إنسى إلا بقدرات خارقة للطبيعة.
--------------------------
و قد ذكر بكل تلك المعانى فى القرآن الكريم:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم:

{ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) } (سورة الحجر)

{ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) } (سورة المائدة)
{ وَلَوْ نزلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)} (سورة الأنعام)

{ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) } (سورة الأعراف)
{قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66)} (سورة طه)
{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13)} (سورة النمل)

{ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأوَّلِينَ (36) } (سورة القصص)

{ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48)} (سورة القصص)
صدق الله العظيم
كل تلك الأمثلة - ولله المثل الأعلى - تعنى فيه كلمة "سحر" بمعنى : كذب و إفتراء أو خداع بصرى.
********************************
لكن فى آية سورة البقرة:
{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)}
إنتقل وصف السحر من الكذب، إلى مرحلة أخرى. وهو إرتباطه بالشياطين، بل و بالكفر أيضا. لكن دعونا نلاحظ قول الله تعالى : "يعلمون الناس السحرثم عطفها ب"واو" العطف على "ما أنزل على الملكين ببابل هاروت و ماروت"؛ أى أنه هناك شئ يسمى "سحر" و شئ آخر أنزل على الملكين، و إن كان سحرا، فإنه شئ آخر مختلف - على ما أظن -، فمثلا: حضر أحمد و علاء، هنا واو العطف قد فرقت بين شخصين، و إن كانوا متفقين فى الكينونة البشرية فإنها لا تدل على إتفاقهما فى الصفات، إذ لربما كان أحمد طويلا و علاء قصيرا، و كان أحمد أبيض اللون و كان علاء قمحى اللون، وهكذا...
------
حتى أنه يتضح لى أن الملكين هما من علما الناس من العلم الذى يعلمانه، بنص القرآن {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ } و كما قال الله تعالى {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ }، أى أن علم تفريق الأزواج كان من علم الملكين، و ليس من علوم السحر الشيطانى الذى دلل على كفر الشياطين فى أول الآية - إذا إتفقنا على أنهما نوعين مختلفين من السحر كما تقدم -.
و قد كرر الله تعالى الآيات فى القرآن الكريم، التى قد دللت على أن لا شئ فى الكون يحدث دونما إرادة الله و مشيئته جل و على.{وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}، حتى لا ينتفى مبدأ تكافؤ الفرص المفترض وجوده بين العباد،
و أن الله تعالى يخبرنا أنه لن يستطيع أن إنسان أن يسخر الجان و يتعلم السحر كى يفرق بين الأزواج إلا بإذن الله تعالى،
و بغياب ما يدعو الله تعالى إلى الموافقة و السماح لآحد الناس أن يخل بمبدأ تكافؤ الفرص المفروض من الله فى الدنيا، لذلك فإن الله تعالى لن يسمح لأحد أن يفرق بين زوجين بأى نوع من أنواع السحر قديما أو حديثا،
حتى لا يحمل الناس ما لا يطيقون و لا يفهمون؛ و يحميهم من اللجوء إلى الخزعبلات و النصابين.
فإن ذكر تلك الآية {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} بعد آية {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ }، فى وجهة نظرى جائت لطمئنة الناس أن الله تعالى قد حمى الناس من ذلك السحر المؤذى، لإقتران الإيذاء بمشيئة الله، و أن الله تعالى لا تقرن مشيئته بشئ مؤذى.
------------------------------------
و فى تفسير بن كثير:

وقوله تعالى: { وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ } قال سفيان الثوري: إلا بقضاء الله. وقال محمد بن إسحاق إلا بتخلية الله بينه وبين ما أراد. وقال الحسن البصري: { وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ } قال: نَعَم، من شاء الله سلطهم عليه، ومن لم يشأ الله لم يسلط، ولا يستطيعون ضر أحد إلا بإذن الله، كما قال الله تعالى، وفي رواية عن الحسن أنه قال: لا يضر هذا السحر إلا من دخل فيه. (إنتهى)
------------------------------------
أى أن هذا السحر لن يضر إلا المتعاملين به، و على ما أظن أن هذا هو تفسير الآية التالية {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ}، من الممكن أن تعنى أن هذا السحر لن يضر إلا المتعلمين له و المتعاملين به، و لن يستطيعوا إيذاء أى من الناس به.
-------------------------------------
عندما يصف الناس المرسلين بالسحرة، و يتهمونهم بالسحر، فإنها تعنى إتهام الناس للمرسلين بالكذب، وليس بالقدرة على تغيير إرادة الناس و واقع حياتهم بالسحر؛ و إلا كان لهؤلاء - المرسلين - القدرة على تغيير واقع الناس و إرادتهم و إجبارهم على الإتباع و الإيمان.
*********************************************************************************
هناك إرتباط بين "الإرادة" و "التكليف" و "الثواب و العقاب"، أى أن من أعطى له الله تعالى حق الإرادة، سيكلفه الله تعالى ببعض الأعمال، ثم سيحاسبه عليها،، و إذا أخذنا الملائكة كمثال، فإنهم لا يملكون الإرادة، لذلك فهم لم يكلفوا من الله شيئا، و بالتالى لن يخضعوا للثواب و العقاب يوم القيامة، على عكس البشر.
و عند غياب الإرادة، يسقط التكليف، و لن يحاسب الله تعالى إنسان على ما فعله عند غياب العلم أو الإرادة و كان - الإنسان - مجبرا عليه، فقد قال الله تعالى فى سورة البقرة:
{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) }
وقياسا عليه، فإن من سحر الساحر له أو مسه الجن، سيسقط التكليف من عليه التكليف، و الثواب و العقاب، لإنعدام إرادته. كما يقول لنا كل من قتل أو سرق أن الشيطان هو ما دفعه للقيام بذلك، و يدعى أيضا إنعدام الإرادة كي يسقط التكليف و بالتالى الثواب و العقاب.
إنى أكاد أقسم أن الشيطان مظلوم فى هذا الإتهام، فالشيطان يدعونا، و نحن بإرادتنا نستجيب له، ولذلك يحق علينا عقاب الله تعالى يوم القيامة. لكن أن ندعى أن للشيطان أو الجن لهم القدرة على إيذاء بشرى أو التحكم فى تصرفاته و إرادته، فنحن قد فتحنا الباب أمام كل المجرمين كى يلقوا بالإتهام على الجن و الشياطين، و أنهم هم- الجن و الشياطين- من سخروهم -البشر- كى يقوموا بتلك الجرائم، و يسقط التكليف عمن يريد، بإدعاء "المس" أو "السحر".
---------------------------
نتيجة لإرتباط كلمة السحر - خطأ - بالتفريق بين الأزواج؛ فإن من يعانى من مرض "العنة impotence" أو"العجز الجنسى sexual dysfunction" أو من داء "القذف السريع Premature ejaculation", فإنه سيلقى بالتبعية على الجن و السحر و الشعوذة و سيقول إنه "مربوط"!!!!,
و يلف و يدور على كل مشايخ البلد و البلدان المجاورة عشان يقوموا بفك "العمل" الذى "عمله له"، أخو بنت خالة جوز عمة جدة بنت خال العروسة, والذى كان يريد أن يتزوجها، لكنه لم يستطيع. ولن يبحث هذا "المربوط" عن السبب الحقيقى لعجزه و سبل العلاج.
--------------------------
تلك الشماعة الطوييييييييييييييييييييييييييييييييييييلة, التى أعتذر عن إطالة الشرح فيها، أظنها جديرة بالإهتمام و بعض العقل، بعيدا عن الأوهام و الخوف اللامنطقى من عدو وهمى، لا يملك لنا ضرا و لا نفعا.
و إننى قد أغفلت بعض إختلافات العلماء - الطويلة - فى تفسير آية السحر فى سورة البقرة، لأننى لا أتعرض للمشكلة من وجهة نظر العلماء، بل من وجهة نظرى الخاصة، بعيدا عن إختلافات التفاسير و الأسندة.
ف أنا لا أرغب فى الجدال العقيم،
أنا أرغب فى مناقشتكم فقط،
و إننى أرحب بكل تعليقاتكم، سواء المتفقة معى أم المختلفة.
------------------------
و إلى لقاء قريب، فى الشماعة الأخيرة (القضاء و القدر).
-----------------------
إبقوا معنا فى مدونة تحت الحزام
كلام × الصميم
من القلب و العقل.
معكم
د. علاء زكى.

الثلاثاء، 23 يونيو 2009

الحسد

بسم الله الرحمن الرحيم،

قد بحثت عن معنى تلك الكلمة- "الحسد"-، و موضع ذكرها فى القرآن الكريم، و معناها فى كل موضع من واقع فهمى للآيات. أذكركم جميعا أننى لست متخصصا دينيا، لا فى الشرع و لا فى التفسير، أنا فقط أعرض وجهة نظرى بتفكير منطقى، بحيث لا تخالف نصا صريحا أو عقيدة إسلامية معروفة بالضرورة.
لنبدأ سويا؛؛؛؛؛؛؛
--------------------------------------
إنك محسود محسود يا ولدى،
العين صابتنى و رب العرش نجانى،
ده النبى ميًّل من العين،
العين فلقت الحجر,,,,,,
ويتم التنبيه على من يفكر بشكل جيد، أو يمتلك موهبة ما؛ بأن يحجبها عن الناس كى لا يحسدوه، و تظهر تلك الكلمات و أكثر منها.
و بما أننا فى مصر، و فى العالم العربى عموما؛ دائما ما نحب أن نلصق الصبغة الدينية فى أى شئ من أفعالنا أو معظمها. لذلك فإن الناس ستتهمنى بمخالفة العقيدة الإسلامية و القرآن الكريم بإنكار الحسد.
تصحيحاً واجباً،
أنا لا أنكر الحسد، أنا أنكر فقط أن يكون له القدرة على تغيير مقادير الناس أو الأشياء؛
-----------------------
الحسد:
"هو تمنى زوال النعمة عن الغير"
هذا هو تعريف علماء الفقه له، و بنظرة إلى هذا التعريف، نجد أن الحسد لا يتعدى كونه نوع من أنواع التمنى. "التمنى" نوع من أنواع الشعور الداخلى للإنسان، تتوق فيه نفسه إلى شئ ما. وهو هنا تتوق نفسه و يطلب بداخله أن تزول النعمة عن الإنسان المحسود.
الشعور الداخلى بدون فعل يبرزه إلى أرض الواقع، يظل - الشعور - حبيس ضلوع الإنسان الذى يشعر به، ولا يكون له تأثيرا محسوسا فى الواقع الذى نعيش فيه.
فمثلا: فمن يشعر بأنه يكره فلان، و لم يبرز كرهه له - مثلا - بمحاولة قتله أو إيذائه، فإن شعوره بالكره لن يتعدى كونه شعورا داخليا و لن يؤثر فى هذا الفلان أو يضره شيئا.
هذا أيضا ينطبق على الحسد، فإنه شعود داخلى بالكره و التمنى، بل و يعكس حالة من حالات الإعتراض على تقسيم الله تعالى للأرزاق و المقادير - و العياذ بالله-.
----------------
بحثت عن كلمة حسد فى القرآن، لم أجدها بلفظها إلا فى موضعين؛
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،
بسم الله الرحمن الرحيم:

وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)
(سورة البقرة)
وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
(سورة الفلق)
----------------------------------------
ودّ: تمنى؛
أى أن أهل الكتاب بعدما تبين لهم الحق، و ضلال ما يدّعون من دون الله؛ يتمنون أن يستطيعو ردكم كفارا، بعد إيمانكم بهذا الحق. و سمى على التمنى لزوال النعمة - نعمة الإسلام - حسدا.
و نجد مخاطبة الله تعالى و أمره للذين آمنوا بأن يعفوا و يصفحوا، حتى يأتى الله بأمره. و الأمر بالعفو و الصفح هنا يكون تغاضيا من المسلمين عن شعور أهل الكتاب بالكره و الحسد؛ وليس تجاوزا من المسلمين عن أفعال أهل الكتاب، بل فقط عن شعورهم - أهل الكتاب -، الذى ولابد و أنه لن يؤذى المسلمين فى شئ إذا ما ظل شعورا؛ لكن إذا ما تجاوز تلك المرحلة الشعورية و إنتقل إلى المرحلة التنفيذية بالأفعال، نجد الله تعالى يأمر المسلمين برد الفعل بالفعل و ليس بالعفو و الصفح:
سورة البقرة:

وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)
سورة التوبة:

وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)
--------------------------------------------------------
ثانى ذكر للحسد بلفظه فى القرآن، جاء فى سورة الفلق:

بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
إذا لاحظنا، سنجد أننا نتعوذ بالله و نطلب العون و الوقاية، من الشر الناتج عن الشر، و ليس الشئ نفسه.
مثلا نحن لا نتعوذ مما خلق الله كله، بل من الشر الذى سينتج حينما يتعدى المخلوق ما خلقه الله له؛
و قد قال بن عباس (بإسناد ضعيف):
وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)
أى من شر عضو الرجل إذا إنتصب،،،وبإفتراض صحة التفسير و الإسناد - و إن كان ضعيفا -، فإننى بالطبع لا أجد حاجة للتنبيه على أهمية وظيفة "الإنتصاب" كوظيفة فيسيولوجية للتمتع و حفظ النوع. لذلك فإننا لا نتعوذ بالله منه (و إلا أصبح الرجال مثل النساء)، بل إننا تعوذنا من شره، أى من الإنتصاب إذا كان فى الشر، كإذا كان فى الزنا أو إذا كان مدعاة للزنا أو الإثارة الشهوانية غير المنضبطة.
هناك تفسير آخر عثرت عليه لتلك الآية:
وهو،
من شر الليل إذا أظلم.
ومن الشر الذى ممكن أن يحدث أثناء ظلمة الليل؛ أى أننا نتعوذ بالله من الشر الذى سيحدث و ليس من الليل نفسه، لأنه ظاهرة كونية واجبة الحدوث.
و بالمثل، فإننا نتعوذ بالله من الشر الذى ينتج عن الحسد، أى من الحسد إذا إنعكس على أفعال الحاسد،
لآن إنتصاب الرجل إذا لم يزن،،،،،لا ضرر منه،
كالليل إذا أظلم ،،،،، و لم تتم فيه جريمة أو سرقة،
كالحاسد إذا لم يفعل فعلا محسوسا يبين حسده.
فالحاسد بدون فعل،،،،،كإنتصاب بلا هدف,,,كليل بلا سرقة أو قتل.
------------------------------
الحاسد يعود أذاه على نفسه فى كل الأحوال، فعندما يحسد فإنه يبارز الله تعالى فيما قدر و قضى؛ و أول حسد كان من إبليس لآدم عليه السلام، و نتيجة له طرد إبليس من رحمة الله؛
و إذا ظل الحسد شعورا داخليا، فإنه يصيب هذا الحاسد بالعديد من الأمراض العضوية و النفيسة الناتجة عن التوتر الدائم و عدم الرضا بما قسمه الله تعالى.
لكن إذا تطورالأمر إلى أفعال؛ فإنه يكون مفضوحا، و يسهل مواجهته؛ لذلك فإننا نتعوذ بالله مما لا نعلم، و ما تخفى المقادير و ما تخفى الصدور إحداها.
لله در الحسد ما أعدله،،،،،،،،بدأ بصاحبه ،،فقتله.
---------------------------
و فى النهاية،
أنا لا أدعى العصمة لرأيي،
لكنه فى النهاية ما هدانى إليه تفكيرى المتواضع،
أتمنى من الله أن يوفقنى للصواب و أن يعفو عنى إذا أخطأت.
--------------------------
× تحت الحزام
كلام فى الصميم
إبقوا معنا.
د. علاء زكى.